![]() |
|
** بقلم: زياد شليوط **
اختتم يوم الجمعة الماضي "ملتقى ابناء سحماتا الثالث" الذي اقيم على ارض قرية سحماتا المهجرة لمدة ثلاثة ايام، وقد تجمع فيه قرابة 60 فتى وفتاة من ابناء القرية، ليتعرفوا على قريتهم وتاريخها ومعالمها، وقد رافق الفتيان عدد من رجال ونساء القرية واعضاء "لجنة ابناء سحماتا" التي اشرفت على الملتقى. وفي يوم افتتاح الملتقى تجمع فتيان وفتيات القرية على ارضها في خمس فرق وكل فرقة حملت اسما يرمز الى حي او معلم في القرية، ولدى دخولي ارض الملتقى سمعت المجموعات تنشد بأناشيد تراثية وفي صلبها التمسك بأرض سحماتا والتغني بجمالها والتصميم على العودة اليها، فاحدى الفرق تنشد: "سحماتا يا عليـّة انت الشمس المضوية زتونك رافع راسو رافع راسو بالعالي" ومجموعة اخرى تهتف: "ويا سحماتا لاقينا عتراباتك لمـّينا فرحانين ومبسوطين وعنا نفوس الأهارة" وفي اليوم الاول حلت مجموعة من المعلمين العرب من كفر ياسيف والشمال ضيوفا على ابناء سحماتا، وقد استمعوا الى شرح عن تاريخ القرية وقصة تهجيرها من السيد وجيه سمعان. كما التقى فتيان المخيم مع فرقة "مسرح العندليب" من شفاعمرو التي نفذت ورشات للاشغال اليدوية وقدمت مشاهد مسرحية للاطفال. وكان اعضاء لجنة ابناء سحماتا يعملون بدأب ونشاط وحيوية، ويتوزعون بين الفتيان لمساعدة المرشدين، وبعضهم يستقبل الضيوف ويقدم التضييفات، فكان الاخ فهد جشّي في استقبالنا ورافقنا، والاخت لطفية سمعان تساعد في تقديم وجبة الافطار للصغار، والتقيت بأحد مسني القرية السيد طنوس سمعان (ابو مبدى) فسرد لي قصة التهجير "بعدما احتل الصهاينة قرية ترشيحا تقدموا نحو سحماتا وشنوا عليها الغارات، وقاموا بتجميع 160 من ابنائها طالبين منهم تسليم مخاتير القرية الثلاثة، لكن المخاتير هربوا، فطلبوا احضار 80 بارودة، لكن لا يوجد بواريد في القرية، فلما يئست القوات الصهيونية اخذ عناصرها يطلقون النار في الهواء ارهابا، فهرب اهالي القرية الى القرى المجاورة، ولجأت انا الى فسوطة حيث كان يدرس اخوتي وسكنت معهم، واثنان من اخوتي هربا الى لبنان لكن عادا فيما بعد، وهكذا بقيت في فسوطة وبنيت عائلتي هناك". لكن الحنين الى سحماتا لم ينقطع عند طنوس وأترابه، ورغم قيود الحكم العسكري، الا ان الشوق الى القرية وزيارة بيته دفعاه الى ان "يتسلل" ذات ليلة الى القرية بعد اسبوعين من الرحيل عنها، وهناك وعند "تلة الدوير" استرق السمع واذ باشخاص يرطنون بالعربية، فهمّ بالتقدم، لكنه سمع كلاما بالعبرية فتوقف وعاد ليتوارى عن الانظار، وبعد لحظات سمع دويا هائلا وغطى الغبار المنطقة، وبعدما هدأ الغبار نظر نحو بيته الذي كان قائما وإذ هو ركام، فعاد الى فسوطة ليخبر اخوته بالخبر المشؤوم". ويؤكد ابو مبدى انه رفض واخوته جميع العروض المغرية لبيع الارض او تبديلها، وحكى لنا عن قرية سحماتا حين كانت عامرة بأهلها حيث عاش فيها المسيحيون وكان عددهم 65 نسمة جنبا الى جنب مع اخوتهم المسلمين بأخوة وتسامح، بل ان مختار القرية كان مسيحيا ويدعى قيصر سمعان، وبعد وفاته عين ابنه جريس مختارا الى جانب مختارين مسلمين، ويشعر ابو مبدى بالرضى لملتقى ابناء سحماتا وخاصة الجيل الصاعد، ويطمئن بأن قضية سحماتا لن تموت، واذا لم يقيّض لابناء جيله ان يعودوا اليها فلا شك ان ابناء الجيل القادم سيحظون بذلك. * نشر في "فصل المقال" 18/8/2000 * include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |