لطفية مبدا سمعان .. عرفتُ سحماتا في عينيها - رنين جريس

لن أسمّيكِ امرأة , سأسمّيكِ كلّ شيء ( محمود درويش )

عرفتُ " أمّي وجدّتي " لطفية يوم بحثتُ عن هويتي الضائعة , عرفتُ سحماتا في عينيها وفي عينيها وجدتُ ما أبحث عنه.

يقولون يا " جدتي " بأنّ الناس الكبارَ لا نعرف قيمتهم إلا عندما ينطفئون مخلفين وراءهم ظلمة كبيرة وحيرة وخسارة . أمّا أنتِ فقد عرفنا قيمتكِ وأنت حاضرة بيننا. بادلناكِ الحب والدفء ولم تفوّتي أية فرصة لتغنّي لسحماتا وتشاركيننا بمخزون ذكرياتك .

أذكرُ زيارتي الأخيرة لكِ في غرفتكِ الصغيرة ... قلتِ لي : أتريْن ذاك الكيس على الرف العلوي ؟ أحضريهِ لي . فتحتِ الكيس وأخرجتِ " ألبوماً " منه فيه مجموعة كبيرة من الصور القديمة والجديدة , وبدأتِ الحديث عن كل صورةٍ وصورة , تضحكين تارة وتارة تبكين... هذه أمي.. هذا أخي وجيه وهذا حنا , أنظري كم كان صغيراً .. أنظري إليّ وأنا أخبز العجين وأنا أطهو ...هؤلاء الأطفال في ملتقىً لهم في سحماتا...تتمعنين في كل صورة كي لاتضيع منك التفاصيل الصغيرة وكي لا تضيع سحماتا .

أنتِ دائما في البال كلما صورتُ مقابلة مع نساء عشن النكبة ... دائما يذكرنني بك وبحماستك وغنائِك وحبّكِ لبلدكِ وطيبةِ قلبكِ وابتسامتِك .

أفتقدكِ كثيراً , فلا يوجد في الدنيا أهم من الإحساس بأن هنالك في زاويةٍ ما على هذه الأرض من يحبّنا دون شروط أو قيود , دون أحكامٍ وعتاب , وهكذا كنتِ ...


رنين جريس
مخرجة فلسطينية وناشطة في جمعية ذاكرات - حيفا

14/3/2013







® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com