|
ورقة سقطت من شجرة الميلاد - وليـد قـدورة
أشجار عنا ، أشجار هناك ، وميض أضواء يرقص هنا و هناك ، أشجار تغزو كل محل ، ثابتة تقف على مداخل ال -مولات- التي تلتهم الدكاكين الشعبية ، و تقفل الحارات العتيقة ، غمز قناديلها الصغيرة يبهت حيناً و يتوهج حيناً آخر ، من يتبرع لي ب "شجرة ميلاد" لأزيّن بها بوابة كوخي المعتم ؟!
لا يهمني إذا كانت أغصانها بلاستيكية مستوردة من أقصى الشرق ، و لا يعنيني إذا كانت فروعها مسروقة من دغل منسي في أعالي الجبال. و لن أدع أصابعي الخشنة تخرب أسلاكها الناعمة الرقيقة ، و لن أسمح لأبنائي بالإقتراب منها حتى لا يشوهوا منظرها ، فقط ، سأطلق العنان لمخيلتي لتسرح و تمرح برفقتها ، و سأدعو كل المرتمين على جنبات الأزقة و الزواريب الضيقة ، و المعاقين الخائفين أن يسرق كراسيهم عاطلٌ عن العمل ، و أمهات الموتى ، و ذوي المفقودين في الحي ، سأدعوهم جميعاً ليملّوا أبصارهم ب"شجرة الميلاد" . أيه .. أيتها الأذرع الصامتة ، المسكونة بالأسرار الملغومة بالرموز و الإشارات ، الإخضرار الذي يمر بجواره آلاف كل ثانية فيلقون عليه نظرة متعبة ، و يتسلون بقياس حجمه و ضخامته ، و كبره و صغره ، و يأخذون الصور التذكارية بجانبه ، غير عابئين بمدلولاته ، و لا منتبهين لمعانيه ، فكيف يحظى أمثالي ، المقيمون في القاع ، الزائغة عيونهم حتى الثمالة ، المتسللون بوجل ، الواقفون بخشوع ، مأخوذون بأبهة و فخامة "شجرة الميلاد" كيف يحظون بواحدة منها ، يستنطقونها عمّا وراء الرمز ، و خلف المشهد ؟ إلى أطلال كنيسة قريتنا الجليلية الصغيرة تحملينني ، إلى كنائس يافا التي يجهزون عليها و يعيثون دماراً ، و من هناك إلى "كنيسة القيامة" المتربعة بخفر و حياء قرب "الأقصى" رويداً ، رويداً ، تنقلينني أيتها المخيلة إلى كل حجر من كنيسة و مسجد انهالت عليه مطارق الغزاة و أثخنته تهشيماً جرافاتهم المتوحشة ، و تعودين بي ، إلى ركنٍ صغيرٍ منزوٍ في حي البؤساء المنتظرين أن يصعدوا أيضاً إلى السطح بعد أن أنهكهم طريق الآلام . حضورك السنوي ، يجلب لي المسرة ، و يبشرني بالنهوض ، و الولادة الأخرى ، و يحمل إلي علاماتٍ ، قلّ أن يستوعبها المساكين الباحثين عن الرغيف ، بهاؤك ، رغم غيرتي من اختفاء الآخرين المبالغ به بك ، يجلب إلى قلبي الفرح و يعطيني الأمل أن ثمة مكاناً للمتفرجين أن يلهوا ، و أن يسعدوا ، و أن الأنتصار قادم ، من يهديني إلى طريق " المخلّص" لأتبع خطاه . من يعلمني بموعد قدومه لأهمس في أذنه بضع كلمات ، "تعبنا يا سيدي ، فارسم لنا بإشاراتٍ من نقائك و صفائك ، خط الخلاص لنقبل عليه ؟! وليـد قـدورة صيدا - سحماتا 20/12/2010 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |