عهد "عهد"


يزعم وزير الحرب، الأزعر المنفلت، أفيغدور ليبرمان، أن ما وصفه "هدوء" جندي الاحتلال في قرية النبي صالح، حينما كانت الفتاة الصغيرة، البطلة عهد التميمي، تدفعه بذراعها الطفولية، إنما ينمّ عن "أخلاقيات" جيش الاحتلال. جيشٌ، مجرد وجوده في منطقة محتلة، هو جريمة ضد الانسانية. إلا أن واقع الحكاية، منقلب كليا.

فهذا الجندي وفرقته، كانوا في تلك الساعات يبطشون بأهالي القرية الوادعة، القرية المنكوبة، ولربما هي من أكثر القرى معاناة في الضفة الفلسطينية المحتلة، إذ أنها محاصرة بالمستوطنات، وأحد مداخلها مغلق منذ سنين. وهي من القرى القليلة، التي فيها المقاومة الشعبية تشهد ديمومة، بهذا المستوى أو ذاك. وفي ذات اليوم، الذي "كشف" لنا فيه ذلك الجندي عن "أخلاقيات الاحتلال"، بحسب مزاعم وزيره، أطلق الجنود رصاصة "مطاطية" على وجه فتى صغير ابن 15 عاما من القرية، عن قرب شديد، فاخترقت رأسه، واستقرت في أسفل الدماغ، وهو في العناية المكثفة بحالة حرجة.

كما أن هذا الجندي، كان في ساحة بيت الفتاة الصغيرة عهد، ينكّل مع باقي الجنود بالعائلة، فمجرد وجوده هناك، هو استبداد وتنكيل.

وهذه ليست المرّة الأولى التي تظهر فيها عهد التميمي، بمشهد في وسائل الإعلام، تتصدى لبطش جنود الاحتلال، فقد شهدناها قبل أربع سنوات، حينما كانت طفلة ابنة 12 عاما، تحاول انقاذ أحد أبناء العائلة الصغار، من قبضة جندي احتلال، وسبق أيضا هذا، مشهد أشد بجيل أصغر، تتصدى لاعتقال والدتها.

عمليا لا تمر هبّة فلسطينية بهذا المستوى أو تلك، إلا وكان من مشاهدها الأبرز في وسائل الإعلام، أطفال وفتيان صغار، ومتقدمين بالسن، في صف المقاومة الشعبية الأول، في الصف الصدامي المباشر في وجه جيش الاحتلال، المدجج بكل وسائل القمع والقتل.

سنقول الكثير عن عهد التميمي، عن جرأتها وهي بهذا العمر المبكر، وعن عائلتها المناضلة. سنقول الكثير عن قرية النبي صالح، وعن صمود تلك القرية الصغيرة، الكبيرة بمجد مقاومتها وبصمودها. إلا أن عهد التميمي، وأمثالها من أطفال شعبنا الفلسطيني، يبثون رسالة واضحة، أن لا سكينة أمام الاحتلال، مهما طال عمره؛ ونحن متأكدون، أنه لن يعيش أكثر مما مضى، بل أقصر بكثير،، فالشعب الفلسطيني قادر على التحرر والاستقلال، وبناء الدولة، وعودة المهجّرين إلى وطنهم.

حتى وإن بدت المرحلة الحالية سوداوية، فإن وجه عهد التميمي، بما يحمله من جمال انساني، وعنفوان شبابي بطولي، يشع نورا، يضيء المستقبل.

عن موقع الجبهة
21/12/2017





® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com