تحية إلى سوريا البطلة - محمد نفاع

ولّت تلك الأيام التي تخبّط فيها البعض حول الموقف من سوريا، حتى كشفت الأيام والأحداث عما قلناه نحن ومنذ اللحظة الأولى، ان الهدف هو سوريا الدولة والشعب والاستقلال والوحدة ونظام الممانعة للتآمر الأمريكي الأطلسي الصهيوني الرجعي العالمي والعربي.

قلنا ونقول ذلك معتمدين على انتمائنا الفكري والطبقي والاممي الذي هو اخلص خط لقضايانا القومية، وها هي القضية الفلسطينية "مشبوحة" بجرم هذه الحُرمة من قوى العدوان والاستعمار والعمالة.

ولكن وللأسف تصدمنا أحيانًا مواقف وجُمل تحشي نفسها في مادة صحيحة ومحترمة، مواقف في منتهى الاستغراب والرفض، تتناقض بفظاظة مع بقية المادة التي تشملها، خاصة فيما يتعلق بسوريا واستهدافها وتدميرها من قِبل أحطّ القوى البشرية سياسيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا. لا استسيغ كلمة "شبيحة" والتي كان أول من استعملها أعداء سوريا وأعداء الشعوب ضد الجيش السوري الباسل الذي يقدم كل ما يمكنه سوية مع الشعب السوري الأبي ونظامه الممانع جدًا، ومع ذلك فالمشكلة ليست في هذا الجيش ولا الشعب. المشكلة في الوحوش البشرية الآتية من الدول الغربية والعربية والإسلامية، آكلة لحوم الضحايا، قاطعي الرؤوس، وائدي الأحياء، مدمري المدارس والمشافي والكنائس والمساجد والأثريات الحضارية العريقة، وسارقي البترول والغاز لقوى وشركات الظلم والظلام في العالم، وكل هذا القتل الوحشي يمارس على أنغام: الله اكبر!! وكأن قِيم الدين تأمر بذلك.

هذه الحشوات المرفوضة تتناقض مع موقف الحزب وموقف جريدة "الاتحاد" المبدئية والعربية والتي كانت ولا تزال منبرًا كفاحيًا قلما نجد له نظيرًا في العالم، لأنه مرفود من خط سياسي اثبت التاريخ انه اخلص خط لقضايانا القومية على النطاق المحلي والعالمي، والذي كان ولا يزال عرضة وهدفًا للتحريض من كل القوى الشريرة البائسة وأيديها الملطخة بالدم.

ومن العجيب جدًا ان يستثني هذا البعض الرجعية العربية من ملوك ورؤساء من أهمية وضرورة إدانتها بكل ما أوتينا من وعي وإرادة وقوة، هذا الأمر في منتهى الغرابة. هل نتستّر مثلا على دور المملكة العربية السعودية وقَطَر الإجرامي فيما يحدث في سوريا وفيما حدث في لبنان وضد المقاومة البطولية الباسلة!! ومع هذه الرجعية العربية النذلة والخائنة والدكتاتورية طبعا دور تركيا. من يموّل ويدرب داعش المجرمة إلا قوى الإجرام والشر، من عرب وأجانب، ومعظم أفراد داعش كما كشفت التقارير يوم الثلاثاء الفائت هم من الدول الغربية المتحضرة جدًا. وان معابر قوى الإجرام هذه تأتي من الأردن وتركيا ومن لبنان بغطاء القوى الرجعية المعروفة، فلماذا نرفض إدانة الرجعية العربية، وما الدافع والهدف من هذه المجاملات والاستثناء.

تجد في المادة الواحدة المواقف المشرفة الصحيحة لولا هذه اللطخات النشاز، واليوم أيضًا!! واليوم بعد ان ذاب الثلج وبان المرج!!

هنالك أناس مجّدوا سوريا – وقت الوساع – ثم انقلبوا عليها. هناك أناس مجّدوا دور إيران وانقلبوا عليها، وهنالك من اعتزّ بالمقاومة اللبنانية وانقلب عليها والأسباب والدوافع معروفة جدًا.

شاهدنا كيف استثنى السيد خالد مشعل في مؤتمره الصحفي إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية من شكره واكتفى إلى حد كبير بفضائية الجزيرة وقطر وتركيا، مع العلم ان دعم وسلاح المقاومة في غزة جاء من الذين استثناهم السيد مشعل من شكره!!

لا يمكن ان نجزئ مواقفنا من نفس القضايا وبشكل انتقائي مفضوح. صمود سوريا، وصمود المقاومة اللبنانية وصمود كوريا وصمود إيران في مواجهة أعداء البشرية والعروبة كان له قسط وافر في صمود المقاومة الفلسطينية البطلة في وجه العدوان الفاشي الإسرائيلي الممهور بالصمت العربي، وليس فقط الصمت، والمخفي أعظم. الرجعية العربية من ملوك ورؤساء أهل لكل شتم وتنديد. وحبذا لو كان قاموسنا أغنى من ذلك بكثير، لا توجد رجعية دنسة عفنة مجرمة وعلى مرّ التاريخ أكثر من الرجعية العربية اليوم، ضد شعوبها وضد العروبة قاطبة. ألا يكفي ما شاهدناه ونشاهده في العراق وسوريا ولبنان من أمثلة!

وهل أمريكا والأطلسي والرجعية العربية وحكام إسرائيل وكلهم من صانعي وممولي داعش، جادون في مكافحة هذا التنظيم الإجرامي، وبشكل شامل وغير انتقائي!!

الإرهاب يستهدف كل سوريا، شعبها ووحدتها وحضارتها وجيشها ونظامها ولا يمكن الفصل أبدًا بين هذه المركبات. وما هو البديل في سوريا – لا سمح الله- والجيش والشعب والنظام وكل شرفاء العالم!! البديل داعش وأخواتها الأكثر عددًا من كان وأخواتها. وهذا كمن حكّ لإسرائيل وأسيادها وأصدقائها على بيت جرب. ولذلك تعالجهم في مشافيها، هل عند إسرائيل ذرة من الإنسانية، هل هذه المساعدات والعلاج من منطلقات إنسانية!! الإنسانية تلائم إسرائيل وعالمها كما يلائم السرج البقرة، فهل نقف نحن في نفس الخندق والمتراس الذي تقف فيه أمريكا والأطلسي وإسرائيل وتركيا وقطر والسعودية.. وبالرغم من كل الاعتبارات، نربأ بأنفسنا وبرفاقنا وبأصدقائنا وبكل شرفاء البشرية ان نكون كذلك.


11/9/2014





® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com