|
ليست هزيمة امريكية بل تجلّي استراتيجيتها - أمير مخول
المشاهد الواردة من مطار كابول في افغانستان لا تعني اخفاقاً امريكيا ًجوهرياً، بل هي تعكس الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية الكونية، العابثة بالشعوب واحلامها وحقوقها، في حين لا تعني حياة الشعوب وكرامتها شيئا. حتى ولا من تعاونوا معها، بل تستهين بهم أكثر.
من الأسلم التريث في اعلان "هزيمة" الولايات المتحدة في افغانستان، رغم تمنّي ذلك، مع العلم أن "وما نَيل المَطالِب بالتمنّي". فالقرار الامريكي هو قرار امن قومي استراتيجي، وليس هزيمة بقدر ما هو تعبير عن تغييرات وتحولات في فهم الاستراتيجية الامريكية العالمية. فهناك منحى في التراجع عن فكرة القواعد العسكرية والتواجد الثابت في انحاء العالم، والاستعاضة عنه بحاملات الطائرات وقوات الانزال والتدخل السريع وبالتكنولوجيا العالية والسيطرة على الفضاء والتي تتيح التدخل في كل شأن دون الحاجة للتورط في كل بقاع العالم. ناهيك عن الحرب الاستراتيجية العالمية التجارية والهيمنة الاقتصادية مع الصين ومع روسيا في المنطقة. الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى عسكرية (كلاوزفيتش) وكذا هي السياسة استمرار للحرب بأساليب اخرى تخدم اهدافها. الانسحاب الامريكي هو مسعى لتوريط دول اخرى واقتصادات اخرى، وبالذات الدولتين المذكورتين. طالبان والادارة الامريكية ليسا في حالة حرب، فالاولى ليست حركة تحرر وطني، والاخيرة ليست صديقة الشعوب. بل ان السياق هو توافق مصالح وتنسيق، فالتنظيم لا يمس بالمصالح الامريكية ولا بجنودها، والاخيرة اتاحت له السيطرة الكاملة على البلاد والحكم، فقد جرت مفاوضات مطولة ومتعددة الاطراف في الدوحة بهذا الصدد. لقد اعلنها الرئيس بايدين صراحة بأن هدف بلاده لم يكن "بناء الامة الافغانية بل حماية الولايات المتحدة من الارهاب". ليس الاخفاق من نصيب الولايات المتحدة بل فيمن راهنوا ويراهنون على دعمها لحقوق الشعوب، او يبثون الوهم بأن احتلالها لافغانستان كان تنويرياً، او ان تدخلاتها في العالم من منطلقات إنسانية. لن يحمي الشعوب إلا الشعوب ونضالاتها عن الاتحاد 17/8/2021 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |