وداعا أبا الوطن

رحل سميح القاسم ، الشاعر الفلسطيني الكبير ،حادي فلسطين، وعلم من اعلام شعر المقاومة وقد يكون الاخير الذي بقي بيننا من كوكبة من شعرائها، الشاعر الذي طرز الرواية الفلسطينية في اعمال الهبت مشاعر اجيال كاملة ولقنتها ابجدية الصمود والمقاومة لمخططات التشويه والتنكيل والاغتراب في الوطن. القاسم الذي شكل احد شقي البرتقالة مع زميله وصديقه ورفيق دربه محمود درويش، الراحل الباقي فينا.

لقد اهتدى شاعرنا الى الفكر الثوري النابض بالحس الوطني والمنغرس في المبادئ الاممية الانسانية التقدمية منذ سنوات شبابه اليافع، واختار الطريق الصعبة طريق النضال بالكلمة الصادقة والقافية السليمة التي ما اضاعت البوصلة يوما، وانضم الى صفوف حزبنا الشيوعي وواصل النضال الى جانب رفاقه في المعارك فجلجل صوته في المنابر مستنيرا بآلام شعبه وببطولات من ضحوا من قبله، فتحول الى أحد الاصوات البارزة التي قرعت باب الخزان وأسقطت اسوار العزل السياسي والثقافي عن هذه البقية الباقية في ارضها .


لقد شرف سميح القاسم صحيفتنا الاتحاد حين عمل فيها، فارسا من فرسانها وقلما كبيرا خط على صفحاتها وقاد العمل فيها عندما تبوأ منصب نائب رئيس تحريرها لسنوات طويله، ساهم في بناء ارثها وكان له بصمته الواضحة عليها .وما بدل تبديلا عندما خصها في سنواته الاخيرة بأروع اعماله الابداعية .

من اغراقه في المحلية ومن انتمائه العميق الى شعبه الفلسطيني ومحيطه العربي وهويته الانسانية قفز الى العالمية وأثرى المخزون الثقافي العربي والعالمي بأبدع القصائد والأعمال النثرية فتبناه الثوار في العالم ملهمّا فغنوا قصائده ورددوها لشحذ الهمم وتعزيز الامل بحتمية تحرر الشعوب والغد الانساني الافضل.

يا حادي فلسطين سيبقى صوتك مجلجلا في القلوب وستبقى حاضرا فيما بيننا في كل كلمة سطرتها، سوف تبقى منتصب القامة، وسوف نقاوم كما اردتنا ان نكون نقاوم الاحتلال، ونقاوم التجهيل والتجنيد والطائفية وسوف نتشبث بهويتنا، هويتك الثوريه، لأننا تعلمنا أن نعشق الحياة ما استطعنا اليها سبيلا .

فسلام لك وسلام عليك ، يوم ترفع الايادي نعشك، وتنقلك عميقا في قلوبنا وذاكرتنا.


جريدة الإتحاد
21/8/2014








® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com