زهرة المدائن بين عيدين - سهيل عطا الله

مدينة السلام.. أم الكنائس والمساجد.. على ارضها سلامٌ وفي ناسها مسرّة.. على مقربة منها ولدت كلمة الله وعلى تلالها صُلبت الكلمة.. ترابها مبارك وكذلكزيتونها. المتنافسون على حبها يقيمون لها عيدَين سنة تلو سنة. عيد يقيمه اليهود وآخر يحتفي به العرب والمسلمون.. في خيمتها يتفيأ اليهود والمسلمون والمسيحيون ، فالقدس لهم جميعا.. من مياهها يشربون وفي رحابها تتعانق المساجد والكنس والكنائس.. بمياهها يغتسل المؤمنون خاشعين امام الرب الواحد الأحد.

هكذا هي زهرة المدائن.. هكذا يجب ان تكون.. في عيديْها يعلو صوت الساسة المتحكمين المتجبّرين.. يريدونها وقفا لهم.. يشوّهون قداستها بالحواجز والاسوار.. يريدها المتجبرون لهم وحدهم! يعملون ليل نهار على اقصاء الفلسطينيين من رحابها!

في يوم اورشليم القدس يحتفل المتجبرون بيوم توحيدها خلال حرب الايام الستة عام 1967 مُعْلنين أنها عاصمتهم الابدية.. في عيدها هذا يهلّلون لحاضرة السلام مؤكدين أنها مركز لتاريخ اليهود ورمزٌ لمجد أجدادهم.
في العيد الآخر.. في يوم القدس العالمي وبعيدًا عنها يقيم مناصرو فلسطين مظاهرات في الجمعة الاخيرة من كل رمضان مندّدين بهيمنة اليمين اليهودي الجائر دفاعًا عن الشعب الفلسطيني المظلوم. يبتعد المحتفلون بأعياد
القدس عن جلال قداستها.. فالاقصاء والحواجز والادانات المبتذلة هنا وهناك تُذبل ازهار زهرة المدائن!!

علينا وعلى اختلاف طوائفنا قبول صواب الحقيقة ان كل موقع قداسة في عالمنا هو امتدادٌ للقدس التي تتضوع فيها انفاس المخلّص ومعراجُ النبي وصلبان التسامح والمغفرة.

في كتابة (القدس) يقول المطران الموسوعة جورج خضر:

"إن البشر اهم من الحجر وان قداسة المدينة ليست في مقادسها وحسب ولكنها ايضا في محبّي السلام من كل المذاهب والاديان.. انها مكان لحوار الاخوة على الرغم من تحديات الزمان"..

في تقديمه لكتاب المطران يقول مبدعنا الغائب الحاضر محمود درويش انه كتابٌ يَبيضُّ من نوره الحبر كما يقول جدّنا المتنبي.

مع ذكر المتنبي نذكر أمير الشعراء احمد شوقي الذي قال عن سيدة المدائن:
يا فاتحَ القدس خلِّ السيف ناحيةً                ليس الصليب حديدًا كان بل خشبا

ليحفظ هذا الكلام من يريد القدس له.. من يريد شطبها من وجدان غيره من اهل كل المذاهب والملل.

عن موقع الجبهة
23/5/2017






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com