![]() |
|
هل لنا عودة للماضي الجميل؟ - سهيل عطاالله
كان وجه الماضي أجمل بعاداته وتقاليده وخرافاته من حاضرنا الذي غابتْ عنه مواطن الجمال ولو نُسجتْ من خيال!
أتحسّر على ما كنّا عليه في ماضينا الجميل وأموتُ همًّا وغمًا وأنا أتابع ما نمارسه في حاضرنا القبيح. كان أولادنا ينامون على فرشة واحدة على السطح وعلى الحصير وتحت لحاف واحد ويأكلون من صحن واحد ويشربون من نبع واحد ومن كأس واحدة وينزعون لقمهم من رغيف واحد. واليوم نرى الأخ ينزع اللقمة من فم أخيه ونراه يعادي أخاه ويشتكيه ويعاركه ويصرعه طمعًا بمتر ارض أو بموقف لسيارة!! طَعْم الصداقات في حاضرنا الدميم الذميم أمسى مُرًّا، أما المصداقية فهي في رحلة غياب دائم.. في الماضي الجميل كان السعي للخير لا يقبل التأجيل أو التجميد ولا يحتاج لتصريح أو استئذان. كان الشأن العام شاغلا لذوي الشأن، فكانت (نحن) يومها سيدة المقام. كان السعي إلى الخير واجب أهل الهمة والفضل نحو مجتمعهم بعكس ما نحن عليه اليوم من نرجسية وأنانية. لقد أصبح عشق الذات إيقاع حياة الكثيرين!! في تغييب وتهميش الغير وفي محراب عبادة الذات تُنصب المشانق للأبرياء ليسود الأشقياء وتتناثر مملكة الضمير. في أيام القبح هذه نتاجر بالتشرذم والفتن ونتباهى بشراء الذمم لتُمسي السلطة تسلطًا والفساد عباءة يلتحف بها الوصوليون. كان الكسب الحلال في الماضي الجميل عملية شاقة عسيرة، أما اليوم فأمسى نهجًا سهلا يفوز به المتسلقون من أهل الدس والاختلاس. في أيام القبح هذه نهرول نحو النجاح الرخيص فنمارس الغش والخداع ونشتري الأوسمة والألقاب!! أروي مع المتحدثين حكاية الماضي البهيّ الذي صنعه الأجداد وأجداد الأجداد، يوم كانت حكمة الآباء هادية للأبناء ونصحُ سادة القوم مصباح هداية وموقع اقتداء. كنا نتنسم عبير الفضائل في البيوت فتنتقل المدارس بصفائها وقيمها إلى الشوارع واليوم لوجعنا تنتقل الشوارع بسوءاتها وشوائبها إلى المدارس حيث يتعذر على المعلم ان يكون قدوة وحيث تطاردنا ثقافة الاحتراب والتفكك والعنف في كل مكان. كان الرثاء في الماضي كلام وفاء فأمسى اليوم تسويقًا واستهلاكًا لسلع المحاباة والنفاق. في أيامنا السوداء هذه تزدان التكريمات والرثاءات بالأكاذيب وزيف الكلام!! متى ترحل هكذا أراجيف ليتدفق الصدق فعلا وقولا في عروق العباد؟ 6/8/2013 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |