انتصار ايران والطاغوت الامريكي الاسرائيلي - تميم منصور
ظريف وأوباما: الاتفاق النووي وعقوبات العرقلة الأمريكية – كاريكاتير: كارلوس لطوف

لم يعد انتصار الشعوب المكافحة والمناضلة أمرًا مستغربًا، فقبل الانتصار الايراني ببضعة أشهر، شهد العالم انتصارًا لشعب آخر عانى أكثر من الشعب الايراني، وهو الشعب الكوبي، فقد حطم بفضل صموده شوكة العنجهية الامريكية التي تنكرت عشرات السنين لحق الشعب الكوبي بتقرير مصيره

رغم الكثير من التحفظات على سياسة ايران الداخلية، لكن هذا لا يحجب حقيقة هامة، وهي أن ايران اتخذت الدين نهجًا للعبادة، وهذا من شأنها، لكنها امسكت بالجانب الايجابي من الاسلام السياسي، وهو المواجهة ورفض التفريط بمقدرات الشعوب وثرواتها، ورفض الاستسلام والانحراف عن الثوابت الداعية الى محاربة كل محاولات الهيمنة الامبريالية، ودعم الشعوب التي تناضل لانتزاع حقها في الحرية والاستقلال.

نعم ها هي ايران تتوج سياستها خلال عقود الثورة، بالانضمام الى مجموعة الدول التي نجحت في تطويق المشروع الامريكي الامبريالي في الشرق الأوسط، رغم ان القواعد الامريكية واساطيلها تحيط بها، انتصرت بفضل صمودها، وبفضل حكمة قيادتها السياسية، وبفضل تماسك أبناء شعبها، فقد فشلت امريكا وحلفاؤها من اختراق صفوف هذا الشعب، حتى في ايام حصاره وتجويعه، بقي الدرع الذي زاد من صلابة عود النظام الحاكم، الذي اكثر ما يهمنا فيه موقفه من سياسة امريكا وحلفائها، لقد اثبتت ايران للعالم بأنها ليست دولة ارهابية.

على قاعدة هذا الصمود والعقلانية ومحاربة التطرف والهوس حققت ايران انتصارا تاريخيًا، سوف يمنحها قفزة في كافة المجالات، في مقدمتها الاستقرار والنمو الاقتصادي، ومن حق وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أن يعتبر أن اليوم الذي تقرر فيه رفع الحصار عن كاهل بلاده يوم تاريخي، وسوف يكون مفصلًا وعهدًا جديدًا أمام ايران أكثر قوة وتطورًا.

لم يعد انتصار الشعوب المكافحة والمناضلة أمرًا مستغربًا، فقبل الانتصار الايراني ببضعة أشهر، شهد العالم انتصارًا لشعب آخر عانى أكثر من الشعب الايراني، وهو الشعب الكوبي، فقد حطم بفضل صموده شوكة العنجهية الامريكية التي تنكرت عشرات السنين لحق الشعب الكوبي بتقرير مصيره، وقبل كوبا ضربت مصر عبد الناصر مثالًا بالصمود والوقوف في وجه قوى الطغيان، لكن الفرق بين مصر وكل من كوبا وايران ومن ثم فيتنام وانغولا وجنوب افريقيا، أن الثورة في مصر ارتبطت بشخص قائدها عبد الناصر، لأن خليفته السادات تآمر عليها، وأعاد مصر الى عهد التبعية والفوضى، وقد اكمل مبارك هذه المؤامرة، فغابت الثورة وانجازاتها في زمنه عن الوجود. اذًا من حق الشعب الايراني أن يعتبر بداية تنفيذ الاتفاقية مع مجموعة الدول، الدول خمسة +واحد خطوة سليمة وانتصارًا سياسيًا واقتصاديًا ومعنويًا، لكن هذا لا يعني بأن امريكا سوف تسير في الاتجاه الصحيح، لأن استعباد الشعوب يعتبر من اولويات طاغوت العصر هذا. انها تدعم الظلم في كل مكان، وهل يوجد كيان ظالم اكثر من اسرائيل التي تحظى بغطاء السياسة الامريكية في كل زمان ومكان، لا يمكن ابداء أي نوع من الثقة بالسياسة الامريكية ما دامت تجاري وتداري الاحتلال، وتحاول الوقوف في وجه المقاومة خدمة لأكبر دولة عنصرية لا زالت قائمة حنى اليوم.

تستمر واشنطن بهذه السياسة رغم تطاول حكومة الابرتهايد في تل أبيب على قراراتها السيادية الخاصة بقضايا عالمية كثيرة، وفي مقدمتها رفض حكومة نتنياهو حتى اليوم اتفاق فيينا، الذي وقع بين الدول خمسة + واحد وبين ايران.

الرفض الاسرائيلي يأتي من باب رفض اسرائيل لأي مشروع للسلام، فهي تريد أن يبقى الشرق الأوسط دائمًا فوق برميل من البارود، لأن الصهيونية والاحتلال والعنصرية وسفك الدماء بمثابة العصارة الحياتية التي تتحرك في شرايين اسرائيل الدولة والحكومة والفكر والسياسة والماضي والحاضر والمستقبل.

فإسرائيل شاذة في كل شيء، فهي نقيض لأي تهدئة أو اتفاق أو وضع حد للصراعات الدامية، والدليل على ذلك أن جميع دول العالم رحبت ببوادر الانفراج بعد أن بدأت الدول المشاركة بالتوقيع على اتفاق فيينا بتطبيق بنود هذا الاتفاق، وما تريده اسرائيل ان ترى ايران دولة محاصرة، وتريد استمرار فرض العقوبات على شعبها، ترفض عودة ايران الى الاسرة الدولية، حتى تحت مظلة السلام والتفاهم، والسبب ان ايران في عهد الثورة تختلف عن ايران في عصر الشاه.

ان اخراج ايران من دائرة الحصار الامريكي الاوروبي، يعني مضاعفة قوة ايران الاقتصادية، ويزيد من ثقلها السياسي شرق اوسطيًا وعالميًا، اذا اخذنا جانبًا واحدًا من مردود انهاء المقاطعة وفك الحصار عن ايران وهو اعادة المستحقات واموال ايران التي كانت مجمدة في البنوك العالمية، وتقدر هذه المستحقات بمائة مليار دولار، هذا المبلغ وحده يزيد عن ميزانية اسرائيل السنوية، ان وصول هذا المبلغ الكبير من السيولة المالية الى الخزينة الايرانية، سوف ينعش وضعها المالي المتأزم، بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية، فقد تدنى سعر البرميل الواحد الى 30 دولارًا لا غير.

بالإضافة الى المردود الاقتصادي والسياسي لتطبيق اتفاقية فيينا، هناك مردود اكثر أهمية، انعكس على ايران وعلى المنطقة كافة وربما اكثر من ذلك، انه المردود الاستراتيجي العسكري فبداية سير عجلة الاتفاق تعني الانفراج ونزع فتيل التوتر والتهديد بإشعال حرب في الشرق الوسط، وربما في مناطق اخرى، لا أحد يعرف نتائجها، وكيف ومتى يوضع لها حد، وهذا ما لا تريده اسرائيل لأنها استخدمت بشكل دائم مشروع ايران النووي ورقة تلوِّح بها امام شعبها وامام العالم، بأن هذا المشروع يهدد وجودها وأمنها، واسرائيل تدرك الآن أن عليها البحث عن ورقة تهديد جديدة كي تتذرع بها ولكي تغطي على جرائمها.

عن موقع الجبهة
23/1/2016




® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com