عودة الى مقالات - بقلم صاحب الموقع


أبو ماهر كان وسيبقى يسكن في قلوبنا - وجيه سمعان

أبو ماهر اليماني


وقع رحيل أبو ماهر اليماني علينا نحن أهالي سحماتا كالصّاعقة .. كنّا وسنبقى نفتخر ونعتز به أنه من روّاد الثورة الفلسطينية يسطع في سماء فلسطين. إن عمله النضالي المكلل بالتضحيات طيلة سنوات عمره أمدّ أهله في الوطن وفي ديار الغربة بالعزيمة والصبر ويضيئ طريق العودة إلى فلسطين .

رأيته وأنا صغير وهو شابٌ يطلّ كنجمة صبح على تلال سحماتا محبّا لأهلها ومكرّسا عزيمة الشباب لخدمة فلسطين. لكن في ظل النكبة التي أحاقت بنا من كل حدب وصوب هُجّر قسرا إلى لبنان , وأضحى مع أهله وغالبية شعبه لاجئين في الشتات.

ولقد أوحت لي هذه المأساة وهو لاجئ في لبنان بكتابة هذه الأبيات :

أحمد

رأيتهُ
أمام المنزول
في ساح الحمى
قبيْل العاصفة
كان في عمر الورْد
فيه الشبابُ يفورُ
حنطيّا
وكنتُ صغيراً
ألفّ حول الرّجال
رأيْتُ الوطن في عيْنيه
يريد أن يحميه في جفنيْه
عصفتْ الرّيح
عصفتْ بالبلدْ
سرقوا ,
هدموا
شُرّدوا إلى هناك
وشُرّدنا هنا
وأغمضنا على سحماتا العيونْ
نذكرُ ماضينا
ونحلمُ بآتينا
وأحمد هناك مع المشرّدين
يجمع فرسان العودة.

يا أحمد ,
ما زالت سحماتا تسكن فينا
كباقة حُبّ
نطرّز فيها ماضينا
ونحوكُ فيها آتينا
فهي تنادينا يا أحمد ..

وقبل رحيله بسنوات عرفته اكثر من خلال كتابه " تجربتي مع الأيام " قلت :

هذا الكتاب من خمسة أجزاء مليئ بشتى ألوان المعاناة والنضال والأمل من تأليف ابن سحماتا البار , ابن فلسطين ,أحمد حسين اليماني ( أبو ماهر ) . من يطّلع عليه يستشفّ من بين كلماته وسطوره الروح النضالية التي رافقت هذا الانسان قبل نكبة فلسطين وإبّانها وبعدها في دنيا الشتات. إنه يأخذك في رحلة شائقة منذ طفولته الناعمة في سحماتا وحتى غدا يافعا يحمل همّ الوطن , ثم يسوح بك في دروب البذل والعطاء التي امتدت عقودا في سبيل القضية الوطنية والقومية , مشيرا في كل محطاته النضالية إلى الدّور الذي لعبته الصهيونية ومن لفّ لفّها وساندها على هذا الكوكب في خلق مأساة فلسطين . إنك تشعر أنّ الغضب يتدفق من بين سطور هذا الكتاب على كل هؤلاء الذين ما زالوا يعملون بمكر ودهاء على استمرارالمأساة ويتآمرون معا لوأد قضية فلسطين إلى الأبد .

إن أحمد اليماني مجبولٌ من تراب سحماتا , الذي هو من تراب فلسطين وصلبٌ كصلابة الجبال فيها .. أعطى جلّ عمره لقضايا شعبه وأمته , وربّى أجيالا من الفلسطينيين في لبنان على العزّة والكرامة وأمدّهم بالوعي والأمل والصمود داعيا للتمسك براية العودة : إن هناك وطنا فقدناه قسرا , وإنه لنا , واليه يجب أن نعود .مدرسة نضالية نفخر ونعتز بها نحن أبناء سحماتا , ونرى فيه أحد الرموز الفلسطينية المعطاء . وكتابه هذا يعتبر بحق مرجعا مهمّا لتلك الحقبة الطويلة من نضال شعبنا الفلسطيني العظيم , وسيبقى بما يحتويه من معطيات وكفاحات , ونجاحات وتراجعات , وروح وثابة ..

سيبقى ذخرا وزادا للأجيال القادمة ..

وداعا أبا ماهر , لك الخلود وسنبقى لدربك أوفياء
حيفا - سحماتا
8-1-2011





® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com