نصري شمس الدين العائد.. في قصر الأونيسكو - صفوان حيدر

جوزيف عيسى مغنياً وخلفه أندريه الحاج مايسترو في الأمسية (محمد شرارة)

لم يكتف نصري شمس الدين بالغناء والطرب والتمثيل المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، بل عاش فناناً كبيراً، وامتلك عفوية نادرة، بعيدة عن الاصطناع والاعتيادية المكررة، ونبرة صوتية مميزة بيضاء، وحضوراً مسرحياً قادراً على لعب أدوار متباينة، بين ملك «بترا»، و«الأمير فخر الدين» و«شيخ المشايخ» و«المختار» نزولاً إلى «البويجي»، ليبقى علماً من أعلام الغناء والطرب التمثيلي المتقن.

هكذا جاءت الأمسية التكريمية في قصر الأونيسكو لشمس الدين مساء الأربعاء الماضي احتفالاً تقديرياً وإحياء لعطاءاته الغنائية التي لم تتوقف إلا فوق خشبة الغناء في معرض دمشق الدولي.

لعب نصري دور الملك بإتقان في مسرحية «بترا» للرحابنة، كما لعب دور البويجي في مسرحية «لولو»، وفي الحالتين، كان قادراً على غناء جميع اللهجات اللبنانية والعربية، لكنه التزم خط مسيرته مع الرحابنة.

أحيت احتفال الأونيسكو الحاشد التكريمي الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية بقيادة (المايسترو) القدير أندريه الحاج وغناء جوزيف عيسى وبمشاركة الكورال العربي في الكونسرفتوار المكون من (36) منشداً ومنشدة من الصبايا والشبان. وفي كلمته التكريمية، شرح غازي قهوجي كيف تخطى نصري السائد والرائج والمألوف منذ أواخر الخمسينيات ومطالع الستينيات من القرن الماضي، وكيف انتصر على التكرار والنمطية المشهدية الواحدة وصال وجال فيها بعطاءاته المتنوعة والمتعددة. أما وزير الثقافة ريمون عريجي فأكد أن نصري اكتفى برغيف الفن فقط ووزعه على المستمعين والمشاركين. وقدم الوزير عريجي درع وزارة الثقافة لعائلة نصري الممثلة بمصطفى شمس الدين والذي تسلم أيضاً درع الحركة الثقافية من الشاعر بلال شرارة ودرع لجنة مهرجانات صور الثقافية من الممثل نعمة بدوي. كلمة شكر وامتنان صفق لها الجمهور الذي ملأ مدرجات الأونيسكو بكاملها. إنه عرس لبناني تكريمي على خشبة الأونيسكو التي زينتها صورة بورتريه لنصري تكتنز الطاقة الإبداعية في وجهه، رسمها الفنان الفلسطيني عيسى يعقوب عام (1997).

نجح المغني والمطرب القدير جوزيف عيسى في محاكاة النبرة الصوتية البيضاء عند نصري، ولكن بحدود أبقاها عاجزة عن المطابقة المحاكاتية الكاملة. لأن خاصية صوت نصري تتميز بأنها حالة وسطى بين الباريتون والتينور. فلا هو صوته تينور كامل ولا هو باريتون كامل. وربما كانت هذه الحالة سبباً لجاذبيته الصوتية عند عشاقه المستمعين. هذه (النبرة البيضاء) الصوتية لنصري لعبت دوراً تاريخياً في توحيد لهجات الأغنية اللبنانية الرحبانية. وقد نجح المغني عيسى في محاكاتها، نسبياً، فنال تصفيق وإعجاب الجمهور المحتشد مرات عدة.. وبقي عزف الأوركسترا الوطنية بقيادة الحاج منضبطاً وقوياً ومتماسكاً وفاتناً. كذلك غنى الكورال بنجاح بارز أغنية «رقصتك بالعيد» و«لما شفتا». وجاء أداء عيسى لموال «كيف حالن حبايبنا» متيناً وشيقاً. وهو الموال الأكثر شهرة لنصري. وحتى في «الغناء الدرامي» الذي اشتهر به نصري في أكثر من أغنية، جاء أداء عيسى في أغنية «بنتزاعل ونرضى» أو في الأغنية الفكاهية ـ الدرامية الحوارية الساخرة الشهيرة «كجدي والصيد»، متقناً ومؤثراً ومحركاً لتصفيق الجمهور الحاد والمنتشي بصوت عيسى وكاترين غالي في حوارهما الفكاهي الغنائي. طوال الاحتفال، لم تتقاعد عصا المايسترو أندريه الحاج عن الإمساك بألحان الأوركسترا الغزيرة والمتنوعة بعازفيها بطريقة تدعو إلى الإعجاب بهذا الحاج الممسك بأداء أوركسترالي ضخم في هذه المهمة الصعبة والممتعة في آن. لقد استطاعت أمسية قصر الأونيسكو ومشاهد الفيلم الوثائقي الذي تضمن شهادات منصور الرحباني وأنطوان كرباج وآخرين، ليس فقط أن تقدم التحيات لنصري شمس الدين، والدروع التكريمية، بل أيضاً أن تستحضر نصري صوتاً وصورة وتأدية غنائية وطربية وموسيقية مميزة وناجحة.

عن السفير
29/03/2014






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com