هذه مدرستي.. - سهيل عطاالله


عندما كانت الكنائس تتهاوى تتناهشها ألسنة اللهب في محافظات مصر، وجدتُ في صندوق بريدي هدية ثمينة يحتضنها كتاب سطوره تحرق الحارقين وتجعلهم من الضالين المارقين. انه كتاب بعنوان: " مسيحيون ومسلمون تحت خيمة واحدة" فيه عِقد عقيق كلامي يزيّن به جيدنا العربي صائغ ماهر اسمه فتحي فوراني.

في عروق إبداعات كاتبنا تتدفق انساغ حياة عصيّة على الملوثات. إن كلمات فتحي المنسابة زلالا سلسبيلا من معين خيمته تحرق حضارة الحريق التي ينتهجها أعداء العرب بكل مذاهبهم وطوائفهم مستهدفين أفكار وقيم الرسل القديسين.

إن ثوابت (حزب المحبة) الذي يجمع المسلمين والمسيحيين تحت سقف واحد، تُجسّد قوة أمامها يتهاوى الكَذَبَة والفريسيون. في حزب فتحي ينصهر إسلامه في مسيحيتي ومعه تعتمر مسيحيتي إسلام السماحة والنقاء. في مقالاته وخطابه نجد أنفسنا في خندق واحد وفي زورق واحد مسيحيين ومسلمين.. بمجاديفنا المتعانقة نعانق السماء والنجوم وننازل التشرذم والفتن. يترك الفوراني زورقنا المشترك يطفو على مياه مدرارة فوّارة تدفع عنا أمواج التطرف والتعصب والتزمت وانغلاق الأفكار وزيف العقائد.

في أحاديثه الطيبة يكرّر فتحي الحديث الشريف: "الأنبياء أخوة.. أمهاتهم شتى ودينهم واحد"، ليعلن بحسّ وطني عربي جليل: جاء المسيح وبعده محمد (ص) ليضعا المؤمنين في قارب واحد مبحر في مياه الخير والمحبة.

هذا الحسّ النقي تدغدغني انسامه ويلفني حريره.. إنه لعمري حسّ مبدع يقول: "القرآن الكريم والإنجيل المقدس يسكنان جنبًا إلى جنب في مكتبتي وفي قلبي وفي وجداني".

ما أحوجنا لهكذا مكتبة وهكذا قلب وهكذا وجدان في زمن معتم ليله دامس، في حلكته يستهدفنا الوصوليون لغة وتراثًا وجذورًا وهوية.

إن الذين لا يملكون مكتبة كمكتبة فتحي حيث تتألق كتب السماء لن يتسلحوا يومًا بالصدق وفكر الأنبياء!

إن الذين يحرقون كنائس الأقباط يشطبون بأفعالهم الآثمة جلال كلام النبي العربي العظيم: "استوصوا بالقبط خيرًا فان لهم ذمة ورحما". إن الذين يقمعون ويسفكون الدماء هم من الافاكين الذين يحاربون سمو كلام خاتم المرسلين: "لا إكراه في الدين!" و "ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية".

يسكنني رأيك يا أخي فتحي بان أنبياءنا يتململون في قبورهم في زمن لعين فيه تتحول كنائسنا ومساجدنا إلى ساحات قتل وحرق ودمار.

في كلام النقاء ومشاعر الإباء يبني لنا فتحي فوراني مدرسة شامخة في صفوفها يجلس أبناؤنا من كل مذهب وطائفة ينهلون عِلمًا ومعرفة وعدّة واعدادًا لمواجهة الوسواس الخناس.

ما أحوجنا إلى واقع حياتي فيه تنتقل مدرسة فتحي فوراني إلى مدارسنا وتنظيماتنا لتزيدنا تألقًا نحو الخير والمحبة وإرساء أسس الوطن الجميل.

بوركت يا فتحي وصباحك مسكٌ وعنبر.



17/9/2013






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com