|
حين نسرح في بحر الذكريات تخطر على بالنا تلك الأيام الخوالي الجميلة المتجسدة في الصدق، والهدوء، والطمأنينة، وراحة البال، وبساطة الناس، ونقاء القلوب، وصفاء النفوس، واحترام الكبير، والالتزام بالقول والفعل، عدا عن المحبة الخالصة، والصداقة الطاهرة، والأخلاق النبيلة، والمعاملة الحسنة،وليس كأيامنا هذه، التي طغت فيها المادة والتكنولوجيا وثقافة الآيفون والغلاكسي واللايك والفيسبوك وتويتر، فيما ساد الكذب في كل شيء، وانتشر الخداع، وغاب الحب، وتلاشت الصداقات الحقيقية، وانقرضت القيم الأخلاقية والإنسانية.
فرحم اللـه أيام زمان حين كنا صغارًا في جيل الصبا والشباب نجتمع في فصل الشتاء بكل حب وغبطة وسرور، ملتفِّين حول موقد النار، وخاصة في أيام "المربعنية" و"سعد ذابح" و"سعد السعود" نشوي البطاطا والبلوط، ونستمتع بالقصص والخراريف والحكايات الشعبية، التي كان يحكيها على مسامعنا الأكبر منا سنًا، مثل" جبينة" و"نص نصيص" و"الشاطر حسن "و"ليلى الحمراء" و"الزير سالم" و"بني هلال" و"الغول" ونوادر" جحا" وغيرها الكثير. ورحم اللـه أيام زمان عندما كانت أمهاتنا يحضِّرن أكلات "المفتول" و"الششبرك" و"البرغل" و"المجدرة" وسواها من الأكلات الشعبية والتراثية فنملأ بطوننا الخاوية، وليس مثل أكلات اليوم حيث انتشرت فيها الأكلات السريعة التي تحرق المعدة كالهمبوغر والبيتسا والشنيتسل وغير ذلك. ورحم اللـه أيام الصيد في الشتاء حين كنا ننصب الفخاخ في الحقول وتحت أشجار الزيتون واللوز والسنديان والخروب، فنصطاد طيور القطا والشحرور وديوك السمن والحجل. وفي ذلك يحضرني ما أبدعته قريحة ومخيلة سيد الكلمة المحكية الفلسطينية الشاعر سعود الاسدي (أبو تميم) أمد اللـه في عمره، حيث قال: طلع النرجس بوعورو وفتح نوار وعمّا يعزمنا نزورو بشي مشوار ماشي حافي في دربي وجيبي مفروط وعبيتلّك في عبي كمشة بلوط ديك السمن يا غلبي نكحي مشعوط شاف الفخة عا جنبي وع الحارك طار. فهل تعود تلك الأيام الخوالي؟ هيهات وهيهات! ذلك حلم بعيد المنال. فالزمان لن يعود إلى الوراء، والقادم الآتي أشد وأصعب وأكثر تعقيدًا وتوترًا وضغطًا نفسيًا واقتصاديًا وهمًا متواصلًا. 16/1/2015 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |