عودة الى أدب وفن

وداعًا يا غوليساري ... - د. فواد خطيب



جنكيز ايتماتوف كاتب قرغيزي "سوفييتي سابقا " توفي عام 2008 روائي عالمي تُرجمت اعماله الى 185 لغة وبيعت رواياته بعشرات ملايين النسخ.

أشهر هذه الروايات " جميلة " و "وداعا يا غوليساري" و " السفينة البيضاء و"الأرض الأم " وغيرها من الروايات الناجحة التي تحولت الى أفلام سينمائية" .

ايتماتوف أحد اكبر أعمدة الواقعية الاشتراكية ومن وعندنا الراحل الكبير الشيوعي حنا مينا.

حاز ايتماتوف على جائزة لينين للأدب وهي الجائزة الكبرى ساوت جائزة نوبل في العهد السوفييتي.

اهتم برواياته بالجانب الروحي والنفسي للانسان واهتم بتصوير انتقال مجتمعه القرغيزي من الحياة الرعوية البدوية قبل ثورة اكتوبر الاشتراكية، الى الجديد الذي جلبته معها هذه الثورة العظيمة من تغيير في مادية الانسان وروحانيته وحالت الاجتماعية الاقتصادية الاسرية.

رواية " جميلة " وقد قرأتها بالانجليزية مع مقدمة جميلة وغنية للويس أرغون أحد اكبر شعراء فرنسا، وهي حقيقة من أجمل قصص الحب في تاريخ الأدب على مر العصور.

"جميلة" قصة حب رومانسية واقعية أدبية دارت بين جندي أحمر جريح عاد من الحرب الكونية الثانية او كما سماها الروس وبحق الحرب الوطنية الكبرى، الحرب التي انتصر فيها حقيقة الجيش الاحمر وأنقذ البشرية من براثن النازية التي اكتسحت أوروبا بسرعة البرق، وبين زوجة أحد الجنود السوفييت الذين حاربوا النازية في عقر دارها، ضاع هناك على الجبهة العظيمة التي ضَمت من الطرفين ملايين الجنود وعشرات آلاف الدبابات والطائرات لم يعد ولم يعرف مَصيره . حتى بعد ان وضعت الحرب اوزارها. "وداعا يا غوليساري" قصة عِشرة وصداقة ووفاء وحب فطري بين راع لقطعان الخيول في الأعماق القرغيزية وغوليساري الحصان الأصيل الذي سابق الريح في سباقات المسافات الطويلة. هي قصة شباب هذا الحصان وانطلاقته ومن ثم قصة عجزه بعد أن أخصي لكبح جماح ثورته وعنفوانه وشبقه ومنها ثم كيف انتهى معه الراعي أليفه وصديق عمره وهو عجوز يجر عربة خشبية قديمة لا يحتاجها أد وبها ومعها يُنهي فصلا أخيرا من الحياة البدوية الرَعوية الفطرية التي غزتها المدنية على حين غرة والتي جلبتها الثورة الأكبر في التاريخ. باختصار شديد هي قصة الثورة الاشتراكية الأولى بالتاريخ التي طبقت الماركسية علميًا وعمليًا. نعم الماركسية التي انتشرت والتي ما زالت الفكر الانساني العملي الوحيد الحقيقي القادر على تجسيد العدالة الاجتماعية على الأرض لك البشر رغم سقوط التجربة الاشتراكية في روسيا.

ها هي تكمل الطريق وتزحف بزخم غير عادي في الصين الشعبية وتنافس على قيادة العالم اقتصاديا وسياسيا ومدنيا تقنيا وحتى عسكريا وتقف درعا مرة أخرى للشعوب المَغلوبة على أمرها في وجه الامبريالية العالمية المتوحشة فعلًا وقولًا.. جاء في سياق الرواية هذا الحوار الجميل مع الذات "....عرفت أنه حُلم .نعم نصف الحياة هي أحلام وهذا الحياة هي جميلة كالحلم.

الانسان أغلى ما في الوجود يحقق بعض أحلامه ولكنه لا يُحققها كلها.... نظر الى السهود وقمم الجبال البيضاء العالية من كل حدب وصوب وقال لذاته مكملا حواره..

لماذا لا يكون كل الناس سواسية وسعداء. لكن في الواقع لكل منا قَدره أحلامه سعادته وتعاسته وفرحه وألمه مثل قمم الجبال هذه التي تتقاسم النور والظل في آن واحد، هذه هي سيرة وجدلية هذه الحياة. أكيد حبيبتي لا تنتظرني، أتمنى لو تذكرتني فقط عند هطول الثلج الاول على تلك القمم الجميلة ..." بقي ان نقر قبل حاولي شهر وُضع لهذا الكاتب الكبير تمثال في احدى أجمل جادات موسكو الجميلة وفاء لذكره وعطائه.

عن موقع الجبهة
17/1/2019






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com