|
عودة الى أدب وفن
All Faces but Mine
سميح القاسم و "كلّ الوجوه سواي" بالإنكليزية في جامعة سيراكيوز الأمريكية
في عمل مميّز يمتدّ على 261 صفحة، وغلاف أنيق،يقدّم الناقد الأستاذ الدكتور العراقيّ عبد الواحد لؤلؤة، الذي درّس الأدب الإنكليزيّ والترجمة في جامعات بغداد والكويت والإمارات العربية واليرموك والزيتونة وفيلادلفيا ،أشعار سميح القاسم باللغة الإنكليزية ،مع مقدّمة وملاحظات هامّة حول شبه استحالة ترجمة الشعر مع الحفاظ على الوزن والقافية والصور البلاغية العربية والتضمينات والإحالات.كما يشير الأستاذ لؤلؤة إلى الدور البارز لـ محمود درويش وسميح القاسم في تطوّر الشّعر الفلسطينيّ.
عنوان الكتاب All Faces but Mine مستقى من عبارة"أرى كلّ وجه سوايا "الواردة في قصيدة " كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه ". قصائد الكتاب المترجمة مختارات من 12 مجموعة شعرية أصدرها سميح القاسم بين 1958-2014 من المؤلفات التالية : الأعمال الكاملة،أرض مراوغة، سأخرج من صورتي ذات يوم، كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه، ملك أتلانتس، رؤى نوسترا سميحداموس، مكالمة شخصية جدا مع محمود درويش، أنا متأسف، كولاج 2، بغضّ النّظر، كولاج 3، كولاج 4. يقول الأستاذ عبد الواحد لؤلؤة أنّ الشعر الفلسطينيّ بدأ يتّخذ نبرته الخاصّة بعد نكبة 1948،تخلّصا من آثار الرومانسية التي كانت شائعة في الشعر العربيّ في خمسينيات القرن الماضي،وابتعادا عن الميوعة العاطفية التي مسحت الشعر الفرنسي في أواخر القرن التاسع عشر والتي تسرّبت إلى بعض الشعر العربيّ في تلك المرحلة،بدءا من الشاعر عبد الرحيم محمود (1913-1948)، الذي وقف في استقبال الأمير السعوديّ (الملك لاحقا) مخاطبا عام 1935 : المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودّعه؟! وقد استشهد الشاعر عبد الرحيم محمود في معركة الشجرة عام 1948. ويتابع الأستاذ عبد الواحد لؤلؤة مشيرا إلى الشاعرين سميح القاسم ومحمود درويش: "ظهر في خمسينات القرن الماضي اثنان من شباب شعراء فلسطين، قدّر لهما تحديد هوية الشعر الفلسطينيّ في مقاومة الاحتلال،سيرا على خطى الشاعر عبد الرحيم محمود....نشر سميح القاسم بين مواكب الشمس(1958) و كولاج (2014) 77 عملا بين شعر ونثر وترجمة.ونشر محمود درويش بين عصافير بلا أجنحة (1960) حتى آخر أيامه 26 مجموعة شعرية وأعمالا نثرية ذات شحنة شعرية عالية.ترجمت بعض قصائد سميح إلى 14 لغة وبعض قصائد محمود إلى 23 لغة. في تقديمه لأشعار سميح يقول المترجم " نشر سميح " إرم " عام 1965 ونحت لقصائده اسم" سربية"أي القصيدة ذات الأصوات المتعدّدة من طيور تخرج عن "السرب" ثمّ تعود إليه ممثّلة فكرة أو صورة تخرج عن السياق قليلا وتبقى مرتبطة به لتعود للانضمام إلى النصّ من جديد. " كلمة الفقيد " مونولوج درامي الممثّل الوحيد فيه هو الشاعر نفسه، والجمهور هم جميع " العرب العاربة والمستعربة والغاربة "، مشلولة الإرادة لا تقوى على أكثر من إقامة المآتم وجلب "زهور بطيئة الذبول" لأنها ورقية أو بلاستيكية..غير طبيعية." ملك أتلانتس " ترميز مؤلم عن مسيرة ياسر عرفات ونهايته المحزنة. "أنا متأسف" صورة قوى الاحتلال مستوحاة من صورة يوشع بن نون الشرسة،كما يرويها "العهد القديم ". هذاهامّ وضروري لفهم بعض الرموز في شعر سميح القاسم. فاز الكتاب بجائزة جامعة أركنساس الأمريكية التي أخبرت المترجم بيومين قبل رحيل الشاعر سميح القاسم.نشرت الكتاب جامعة سيراكيوز في نيويورك عام 2015. هذا العمل المثير والمميّز في ترجمة نماذج بانورامية من الشعر الفلسطينيّ الإنسانيّ بلغة أكاديميّة وفهم عميق للنصوص،كي تصل المتلّقي الأجنبيّ والباحث بشكل خاصّ بصورتها الرقراقة والصحيحة، دون تشويه أو خلخلة أو خيانة للنصّ،هو إنجاز كبير قام به باحث ومترجم كبير بدافع الغيرة والحب للشعر الفلسطينيّ بشكل عام،ولشخص وشعر سميح القاسم بشكل خاصّ.وقد شرّفني أنّني كنت أحمل ببريديّ الالكترونيّ رسائل الأستاذ عبد الواحد لؤلؤة من منفاه إلى لشاعر الراحل سميح القاسم،الذي كان يرفض التعامل مع الشبكة العنكبوتية جملة وتفصيلا. والأستاذ الدكتور عبد الواحد لؤلؤة "أبو بشّار"، الموصليّ المولد العراقيّ اليولسيسيّ التائه في الغربة والملقي عصا ترحاله اليوم في بريطانيا،الفلسطينيّ /العكّيّ الزوجة ،وتلميذ جبرا إبراهيم جبرا أيام العراق الجميل.نخلة أدبيّة شامخة، ويعدّ بكلّ حقّ وحقيق،من كبار النّقاد المعاصرين،وهو باحث مبدع ورصين،ومترجم مرجعيّ وثقة،مثقّف موسوعيّ،عرف ترويض الكلمة العربية الشاعرية المشاكسة،واستنطاقها اللغة الإنكليزية الراقية. ترجم للعربية 43 كتابا مرجعيا، أهمّها: موسوعة المصطلح النّقديّ،الأرض اليباب لـ ت.س.إليوت، رباعيات الخيّام، الصوت والصدى، ألوان المغيب.كما ألّف 12 كتابا نقديا بالعربية أهمّها : دور العرب في تطوّر الشعر الأوروبيّ،منازل القمر،شواطئ الضياع،البحث عن معنى. وإن كان الشاعر سميح القاسم مسكونا بالوجع العربيّ قاطبة والعراقيّ بشكل خاصّ،وهو القائل في "شهداء الحبّ" : ماذا أقول إذا استنطقت عن وجعي والجرح جرحي والسّكين سكّيني ويوم يزحم وجه الموت ذاكرتي أبكي عراقي أم أبكي فلسطينيّ" فالأستاذ عبد الواحد لؤلؤة مسكون ومعجب جدا بالشعر الفلسطينيّ،خاصّة شعر محمود درويش وسميح القاسم.وقد أقدم على ترجمة شعر سميح القاسم بدافع الواجب والفخر ونقل الصوت الفلسطينيّ الشّاعريّ بامتياز.ويعلّل إقباله على مشروعه هذا " لا يكفي أن أكون معجبا بهذا الشعر،بل من واجبي،وأنا العربيّ الذي درس الشعر الإنكليزيّ والأوروبيّ، أن أنقل هذا الشعر إلى لغة الآخرين،ليكفوا عن مباهاتنا بما عندهم،عندما يرون بعض ما عندنا " (القدس العربيّ 2015/8/22). لقد اختار الأستاذ الدكتور عبد الواحد لؤلؤة،في ترجمته لأشعار سميح القاسم، قصائد ملآى بالصور المتواترة والشحنات الدرامية والمفارقات الساخرة،مثل مطوّلة " كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه "(2000 ). هذا المجهود الكبير و المشروع الترجميّ الهامّ يشكّل مدماكا قويا وجميلا في بنيان مرمريّ من الشعر الفلسطينيّ التنويريّ المترجم..يستحق صاحبه، عنه وردة حمراء من جبال الرامة،وحدائق حيفا وعكا. عن موقع الجبهة 19/1/2017 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |