عودة الى أدب وفن

أمل مرقس لون غنائي مميز - راسم المدهون


المطربة الفلسطينية الشابة أمل مرقس تقف وحيدة في لونها الغنائي الذي تجمع أغنياته بين القصيدة الشعرية وأغاني الفولكلور الفلسطيني. أمل مرقس التي تعيش في "كفر ياسيف" في الجليل عاشت ولا تزال حياة الأقلية الباقية هناك وهي كباقي أبناء شعبها تواجه ظروف عيش استثنائية تصبح مضاعفة في تأثيراتها السلبية حين يتعلق الأمر بفنها. لا اهتمام عربيا بالفن الفلسطيني الذي ينتجه فنانو ما وراء "الخط الأخضر"، فالفضائيات العربية التي تكاد لا تحصى لا تنتبه لهذا الفن ولا تبث أغنياته ولو فعلت، فذلك في مرات نادرة ومتباعدة زمنيا لا تساعد في تعريف المشاهدين العرب بأولئك الفنانين وفنهم.

أصدرت مرقس أغنيات وألبومات متعددة حفلت بألوان من أغنيات الحداثة التي امتزج فيها صوتها الرقيق بألحان وكلمات اعتمدت البساطة العميقة والتي تحمل شجنا خاصا له مذاق العذوبة بما فيه من حزن عميق لا يكون للحزن بل يترك في خلفيته العميقة روح تفاؤل جميل تسمح للأغنية أن تكون رسول حب للمكان كما للحبيب. تقول أمل مرقس بحزن ولكن بكبرياء ان الإعلام العربي وخصوصا الفضائيات يهملهم بل يحاصرهم ويحاصر فنهم، فيما لا يقدم لهم أحد أي نوع من الدعم المادي أو المعنوي ورغم ذلك تعيش أغنياتهم وتترسخ وتنتشر.

بين أغنياتها الكثيرة توقفت طويلا أمام "انتظرها" للشاعر الراحل محمود دروش : في "انتظرها" التي لحنها مهران مرعب بلغة موسيقية مشحونة منحها صوت أمل ظلالا للمعاني والمناخات التي حملتها لغة درويش الشعرية. لعلَ تلك الكثافة الجميلة من عاطفية الصوت وما فيه من شجن بليغ أهم ما في صوت هذه المطربة الشابة، المجتهدة والتي تعول كثيرا على صدق الصوت، فما تغنيه حنجرة أمل "نصدقه" تماما لأنه يستطيع بيسر وسلاسة ان يصل الى قلوب وأرواح المستمعين.

جماليات صوت وأداء أمل مرقس نجدها بزخم لا يقل عن ذلك في أغنياتها الآتية من الفولكلور الفلسطيني، خصوصا أغنيات الفولكلور الذي يواكب التراجيديا الفلسطينية. أتذكر في هذا المجال أغنية مثل "عذب الجمال قلبي" فهذه الأغنية الفولكلورية التي عاشت طويلا في وجدان أجيال عديدة سبق واستخدمها الشاعر الراحل توفيق زياد وجعلها قصيدة، وها هي أمل مرقس تعود لإطلاقها بصوتها في صيغتها الفولكلورية الأصلية وتحقق نجاحا كبيرا. هي وشيجة عميقة بين صوت أمل وحزن تراجيديا الفلسطينيين التي تتجدد كل يوم في كل أنحاء فلسطين وليس في الجليل وحسب.

صوت شاب يحمل وعدا جميلا بتقديم رؤى فنية ومضامين إنسانية تجمع التفاؤل الحي الى تطلعات الناس الى أفق إنساني رحب، فأمل التي تغني من واقع حياة أهلها تغني للحياة بمناها الشامل وللحب في صورته الأنقى والأسطع بلاغة.

(الكاتب شاعر فلسطيني مقيم في دمشق)
عن موقع الجبهة
24/3/2016







® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com