ما أشبه الليلة بالبارحة
تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ فقد
طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ
فِيمَ
التَّعَلُّـلُ بِالآمَـال تَخْدَعُـكُم وَأَنْتُـمُ
بَيْنَ رَاحَاتِ القََنَـا سُلـبُ
اللهُ
أَكْبَـرُ مَا هَـذَا المَنَـامُ فَقَـدْ شَكَاكُمُ
المَهْدُ وَاشْتَاقَتْـكُمُ التُّـرَبُ
كَمْ
تُظْلَمُونَ وَلَسْتُمْ تَشْتَكُونَ وَكَمْ تُسْتَغْضَبُونَ
فَلا يَبْدُو لَكُمْ غَضَـبُ
أَلِفْتُمُ الْهَوْنَ حَتَّى صَارَ عِنْدَكُمُ طَبْعَاً
وَبَعْـضُ طِبَـاعِ الْمَرْءِ مُكْتَسَـبُ
وَفَارَقَتْكُمْ لِطُولِ الذُّلِّ نَخْوَتُـكُمْ
فَلَيْسَ يُؤْلِمُكُمْ خَسْفٌ وَلا عَطَـبُ
لِلّهِ
صَبْـرُكُمُ لَـوْ أَنَّ صَبْرَكُـمُ فِي مُلْتَقَى
الْخَيْلِ حِينَ الْخَيْلُ تَضْطَرِبُ
كَمْ
بَيْنَ صَبْرٍ غَدَا لِلـذُّلِّ مُجْتَلِبَـاً وَبَيْنَ
صَبْـرٍ غَدَا لِلعِـزِّ يَجْتَلِـبُ
فَشَمِّـرُوا وَانْهَضُوا لِلأَمْـرِ وَابْتَدِرُوا مِنْ
دَهْرِكُمْ فُرْصَةً ضَنَّتْ بِهَا الحِقَـبُ
لا
تَبْتَغُوا بِالْمُنَى فَـوْزَاً لأَنْفُسِـكُمْ لا
يُصْدَقُ الفَوْزُ مَا لَمْ يُصْدَقُ الطَّلَبُ
خَلُّوا
التَّعَصُّبَ عَنْكُمْ وَاسْتَوُوا عُصَبَاً عَلَى
الوِئَـامِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ تَعْتَصِبُ
لأَنْتُمُ الفِئَـةَُ الكُثْـرَى وَكَمْ فِئَـةٍ
قَلِيلَـةٍ تَمَّ إِذْ ضَمَّتْ لَهَا الغَلَـبُ
هَذَا
الذِي قَد رَمَى بِالضَّعْفِ قُوَّتَـكُمْ وَغَادَرَ
الشَّمْلَ مِنْكُمْ وَهْوَ مُنْشَعِـبُ
وَسَلَّـطَ الجَوْرَ فِي أَقْطَارِكُمْ فَغَدَتْ
وَأَرْضُهَا دُونَ أَقْطَـارِ الْمَلا خِـرَبُ
وَحُكِّـمَ العِلْـجُ فِيكُمْ مَعْ مَهَانَتِـهِ
يَقْتَـادُكُمْ لِهَـوَاهُ حَيْـثُ يَنْقَلِـبُ
مِنْ
كُلِّ وَغْدٍ زَنِيمٍ مَا لَـهُ نَسَـبٌ يُدْرَى،
وَلَيْسَ لَـهُ دِيـنٌ وَلا أَدَبُ
وَكُلِّ
ذِي خَنَثٍ فِي الفَحْشِ مُنْغَمِسٍ يَزْدَادُ بِالْحَـكِّ
فِي وَجْعَائِـهِ الجَرَبُ
سِلاحُهُمْ فِي وُجُوهِ الخَصْمِ مَكْرُهُمُ وَخَيْرُ
جُنْدهُمُ التَّدْلِيـسُ وَالْكَـذِبُ
لا
يَسْتَقِيـم لَهُمْ عَهْـدٌ إِذَا عَقَـدُوا وَلا يَصِـحَّ
لَهُمْ وَعْدٌ إِذَا ضَرَبُوا
إِذَا
طَلَبْـتَ إِلَى وُدٍّ لَهُـمْ سَبَبَـاً فَمَا إِلَى
وُدِّهِمْ غَيْر الْخُنَـى سَبَبُ
وَالْحَقُّ وَالبُطْـلُ فِي مِيزَانِهِمْ شُـرَعٌ فَلا
يَمِيل سِوَى مَا مَيَّـلَ الذَّهَبُ
أَعْنَاقُـكُمْ لَهُـمْ رِقٌّ وَمَالُكُـمُ بَيْنَ
الدُّمَـى وَالطِّـلا وَالنَّرْدِ مُنْتَهَبُ
بَاتَتْ
سِمَانُ نِعَـاجٍ بَيْنَ أَذْرُعِـكُمْ وَبَاتَ
غَيْرُكُـمُ لِلدَرِّ يَحْتَلِـبُ
فَصَاحِبُ الأَرْضِ مِنْكُمْ ضِمْنَ ضَيْعَتِهِ
مُسْتَخْـدَمٌ وَرَبِيبُ الدَّارِ مُغْتَـرِبُ
وَمَا
دِمَاؤُكُمُ أَغْلَى إِذَا سُفِكَـتْ مِنْ مَاءِ
وَجْهٍ لَهُمْ فِي الفَحْشِ يَنْسَكِبُ
وَلَيْسَ أَعْرَاضُكُمْ أَغْلَى إِذَا انْتُهِكَتْ مِنْ
عرْضِ مَمْلُوكِهِمْ بِالفِلْسِ يُجْتَلَبُ
بِاللهِ
يَا قَوْمَنَـا هُبُّـوا لِشَأْنِـكُمُ فَكَمْ
تُنَادِيكُمُ الأَشْعَـارُ وَالْخُطَـبُ
أَلَسْتُمُ مَنْ سَطَوا في الأَرْضِ وَافْتَتَحُوا
شَرْقَـاً وَغَرْبَـاً وَعَـزّوا أَيْنَمَا ذَهَبُوا
وَمَنْ
أَذّلُّوا الْمُلُوكَ الصِّيدَ فَارْتَعَـدَتْ وَزَلْـزَلَ
الأَرْضَ مِمَّا تَحْتَهَا الرَّهَـبُ
وَمَنْ
بَنوا لِصُـرُوحِ العِـزِّ أَعْمِـدَةً تَهْوِي
الصَّوَاعِـقُ عَنْها وَهْيَ تَنْقَلِـبُ
فَمَا
لَكُم وَيْحَكُم أَصْبَحْتُـمُ هَمَلاً وَوَجْـهُ
عِزِّكُمُ بِالْهَـوْنِ مُنْتَقِـبُ
لا
دَوْلَـةٌ لَكُمُ يَشْتَـدُّ أَزْرَكُـمُ بِهَا، وَلا
نَاصِرٌ لِلْخَطِـبِ يُنْتَـدَبُ
وَلَيْسَ مِنْ حُرْمَـةٍ أَوْ رَحْمَةٍ لَكُمُ تَحْنُـو
عَلَيْكُم إِذَا عَضَّتْـكُمْ النُّـوَبُ
أَقْدَاركُم في عُيُـونِ التُّـرْكِ نَازِلَـةٌ
وَحَقُّـكُم بَيْنَ أَيْدِي التُّرْكِ مُغتَصَبُ
فَلَيْسَ يُدْرَى لَكُمْ شَأْنٌ وَلا شَـرَفٌ وَلا
وُجُـودٌ وَلا اسْـمٌ وَلا لَقَـبُ
فَيَا
لِقَوْمِي وَمَا قَوْمِـي سِوَى عَرَب وَلَنْ يُضَيَّـعَ
فِيْهُم ذَلِكَ النَّسَـبُ
هبْ
أَنَّـهُ لَيْسَ فِيكُم أَهْلُ مَنْزِلَـةٍ يُقَلَّـد
الأَمْـرَ أَوْ تُعْطَى لَهُ الرُّتَبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ أَخُو حَـزْمٍ وَمَخْبَـرَةٍ
لِلْعَقْـدِ وَالْحَـلِّ في الأَحْكَامِ يُنْتَخَبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ أَخُو عِلْـمٍ يُحَكَّـمُ في فَصْلِ
القَضَاءِ وَمِنْكُـمْ جَاءَتِ الكُتُبُ
وَلَيْسَ فِيكُمْ فِيكُم دَمٌ يَهْتَاجُهُ أَنَـفٌ
يَوْمَـاً فَيَدْفَـعَ هَذَا العَـارَ إذْ يَثِبُ
فَاسْمِعُوني صَلِيـلَ البِيـضِ بَارِقَـةً في النَّقْـعِ
إِنِّي إلِى رَنَّاتِـهَا طَـرِبُ
وَأَسْمِعُونِي صَـدَى البَارُودِ مُنْطَلِقَـاً يُدَوِّي
بِـهِ كُلُّ قَـاعٍ حِينَ يَصْطَخِبُ
لَمْ
يَبْقَ عِنْدَكُـمُ شَيءٌ يُضَـنُّ بِـهِ غَيرَ
النُّفُـوسِ عَلَيْهَا الذُّلُّ يَنْسَحِـبُ
فَبَادِرُوا
الْمَوْتَ وَاسْتَغْنُوا بِرَاحَتِـهِ عَنْ عَيْشِ مَنْ
مَاتَ مَوْتَاً مُلْـؤُهُ تَعَبُ
صَبْرَاً هَيَا أُمَّـةَ التُـرْكِ التِي ظَلَمَتْ
دَهْـرَاً فَعَمَّا قَليِـلٍ تُرْفَـعُ الحُجُـبُ
لنَطْلُبـنّ
بِحَـدِّ السَّيْـفِ مَأْرَبَنَـا فَلَـنْ يَخِيـبَ لَنَـا
فِي جَنْبِـهِ أَرَبُ
وَنَتْرُكَـنَّ عُلُوجَ التُّـرْكِ تَنْـدُبُ مَا قَـدْ
قَدَّمَتـْهُ أَيَادِيهَـا وَتَنْتَحِـبُ
وَمَنْ
يَعِـشْ يَرَ وَالأَيَّـامُ مُقْبِلَـةٌ يَلُـوحُ
لِلْمَـرْءِ فِي أَحْدَاثِهَا العَجَبُ
* * *
1896
|