أهالي سحماتا يحيون الذكرى الـ 60 للنكبة التي حلّت بقريتهم
ويكرمّون ابن بلدتهم أبو ماهر اليماني

بدعوة من جمعية ابناء سحماتا توافد أهل القرية مع مناصريهم في الـ 25 من تشرين الاول وأحيوا ذكرى النكبة، التي حلّت بها عام 1948، وذلك على ارضها الطهور تحت شعارات: سحماتا لأبنائها، لا لالتهام المزيد من اراضيها ولا عودة عن حق العودة.


تصوير فادي وباسل سمعان


تولى ادارة الاجتماع رئيس جمعية أبناء سحماتا وجيه سمعان، مستهلا كلمته بالاشارة الى تاريخ 28 تشرين الاول من ذلك العام حيث تعرّضت فيه سحماتا لقصف الطائرات الصهيونية، كأختيها ترشيحا ودير القاسي، وتحوّل اهلها قسرًا الى مهجرين في الوطن ولاجئين في الشتات. دمّروها عن بكرة أبيها وصادروا اراضيها بشتى قوانين النهب التي سنّوها. دنّسوا مقدساتها وغيّروا معالمها وأقاموا عليها المستوطنات، ولا يزال غول الاستيطان يسعى لنهش المزيد منها كأن لا اصحاب لها ولا يحزنون. إن سحماتا لأهلها، جذورهم وتاريخهم فيها ضاربة في اعماق التاريخ. ثم توجه بالشكر والعرفان الى جيل النكبة الذي نجح في نقل الرواية الى الابناء والاحفاد، منهم من غادرنا وسحماتا ترقد بين جفونهم وفي قلوبهم، ومنهم من ما زال معنا نتمنى لهم طول العمر والعطاء.

ووجه كلماته الحارة الى الجيل الثاني وما بعده للتمسك بقوة براية العودة حفاظا على وصية الآباء والاجداد. وأنهى كلمته متوجها الى كل من يتآمر على حق العودة محذرا، لا يحق لأحد في هذا الكون مهما علا شأنه ان يفرّط بحق العودة المقدس لكافة اللاجئين والمهجرين الى بيوتهم وديارهم.


تصوير سهيل سمعان


ثم كانت الكلمة الى الاستاذ امير مخول المدير العام "لاتجاه" - اتحاد جمعيات عربية - مشيدًا بدور جمعية ابناء سحماتا والجمعية القطرية للمهجرين في تحويل حق العودة الى مشروع حياة لأهالي سحماتا ولكافة ابناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

إن ما تخطط له مستوطنتا معلوت وتسورئيل للتوسع على اراضي سحماتا المتبقية لهو دليل على ان نكبة سحماتا ونكبة شعبنا لا تزال واقعًا معاشًا، وما جرى من حملة تطهير عرقي على عكا، وتلك الاصوات التي تعلو في المدن الساحلية والمختلطة لتصفية الوجود الفلسطيني فيها ما هي الا دليل على ان الحركة الصهيونية لم تتوقف عن جريمتها عام 1948 بل تواصلها يوميا.

إن ارض سحماتا وبيوتها هي ملك لأهل سحماتا، والعودة اليها من قبل مهجري سحماتا ولاجئيها هي مشروع قابل للتحقق، والدليل ان شعبنا لم ينسَ، والاجيال الصاعدة في الوطن والشتات تحمل الراية وتصون الذاكرة وهي تنظر الى مستقبلها في سحماتا.

رسالتنا الى اسرائيل ان العودة هي حق طبيعي وشرع دولي ومشروع ولن نقبل بأية بدائل، ونرفض ما يصرح به قادة اسرائيل بأنهم على استعداد لقبول عودة 20,000 فلسطيني ليس من باب حق العودة وإنما من باب "منّة" اسرائيلية وكلافتة "حسن نيّة:، فلو بقيت سحماتا وحدها على حالها لفاق عدد سكانها هذا العدد.

ووجه رسالة الى المفاوض الفلسطيني بأن العودة هي حق ولا تفاوض على الحق، بل التفاوض الوحيد هو لتسهيل تطبيق الحق واحقاقه كاملا وكما هو ولا تنازل عنه، وكذلك لا استفتاء على الحق لأن أي استفتاء هو انتقاص من حق العودة لأن عودة كل لاجئ ومهجّر الى بلدته وبيته وممتلكاته هي حق فردي وملك للاجئ وليس للمفاوض.


تصوير سهيل سمعان

وتلاه المؤرخ جميل عرفات الذي اصدر عدة مؤلفات عن قرى فلسطين المهجرة ومن جملتها قرية سحماتا.

أنا أحب سحماتا، موقعها وناسها، انهم كانوا وما زالوا مثلا في الودّ والتآخي، فقط قبل عدة ايام تحدثت عبر اذاعة الشمس عن هذه البقعة الجميلة في الجليل، وعن الاحلام التي تراود أهلها في العودة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ 60 للنكبة التي حلت بها.

وقلت من بين ما قلت، ان قصة واحدة من بين قصصها تدل على نسيج الاخوّة والوئام الذي ساد ويسود بين أهالي سحماتا. المختار جريس قيصر سمعان لجأ قسريًا مع اهل بلده الى لبنان، وتسنّى له ان يعود الى الوطن بسعي من المطران آنذاك، لكن جريس الأبي والوفي رفض قائلا: لجأت مع اهل بلدي ولن أعود الا مع اهل بلدي. هذه هي سحماتا المناضلة، الأبيّة، المثابرة كي تعود مع اخواتها كلّ الى مرابعه الاصلية.

ان الاحتلال زائل مهما طال الزمان، والوطن سيعود اليه اصحابه الاصليون.


تصوير سهيل سمعان


وأما الكاتب نمر نمر فقد تحدث بشغف ايضا عن ناسها ومعالمها، مثنيًا على طيبة أبي علي - صالح سليم خشان الذي لجأ الى قرية حرفيش وسكنها لمدة طويلة، وكذلك على جريس سمعان ذو الجذور السحماتية، ثم سرد امام الحضور قصة من قصص النكبة، هي قصة محمد الحاج ابراهيم الذي اصابته قذيفة ولم تعرف والدته شيئا عن مصيره. فتوجهت الى علي الحيحي من قرية حرفيش وتوسلت اليه ان يبحث عن ابنها.. وبعد حوالي الاسبوعين وجده في الوعر في حالة يرثى لها. نقله علي الى حرفيش وبعدما أسعفوه نقلوه الى لبنان، وكالخبير في معالم سحماتا ذكّر في بعضها، من اهمها حديثه عن عين تلما التي كان ماؤها يشفي العليل.

وأعرب عن ثقته بعودة المهجرين واللاجئين قائلا: لا يضيع حق وراءه مطالب.


تصوير فادي وباسل سمعان
وتحدث فوزي موسى سكرتير جمعية ابناء سحماتا عن جيل ما بعد النكبة مركّزا على اهمية احياء هذه الذكرى وأهمية التواصل بين اهل سحماتا، والتواجد على ارضها بشكل مستمر كي تبقى وشائج الارتباط قوية مع هذه الارض التي نتوق للعودة اليها وبناء قريتنا من جديد كي تضمنا بين جناحيها. هذا، وتوجه الى اهالي سحماتا وبخاصة الى جيل الشباب منهم للالتفاف حول جمعيتهم وتقويتها والعمل معها بدأب ونشاط كي نواصل المسيرة حتى تحقيق حلم العودة الذي يدور في خلد كل واحد منا. واستشهد بفيروز:
غاب نهار آخر.. غربتنا زادت نهار.. واقتربت عودتنا نهار


تصوير سهيل سمعان

وكانت الكلمة الاخيرة للمحامي واكيم واكيم سكرتير الجمعية القطرية للدفاع عن حقوق المهجرين التي تحدث فيها عن قدسية حق العودة للمهجرين واللاجئين الى ديارهم وأملاكهم ولا يحق لأحد التنازل عن هذا الحق. وأثنى على عمل جمعية أبناء سحماتا وأهاليها للمثابرة في العمل الذي يتمتعون به ونجاحهم في ربط قضيتهم الخاصة بالقضية العامة الى حد ان تحولت سحماتا الى عنوان بالنسبة للمهجرين واللاجئين.

وثمّن عاليا دور الاعلام الذي تلعبه الجمعية، وخاصة عبر موقع سحماتا الالكتروني بتناوله القضايا الوطنية بوعي والتزام، وتحوّله الى نافذة اخّاذة للتواصل بين اهالي سحماتا في الوطن وفي دنيا الشتات وفي بثّه ثقافة العودة بشكل يثير الإعجاب مما يجعلهم يشعرون بأن العودة باتت اقرب.


تصوير سهيل سمعان

وشكر وجيه باسم الجمعية واهالي سحماتا جميع الذين تحدثوا، ووقفتهم الصلبة مع سحماتا وسائر اللاجئين والمهجرين في حقهم المطلق للعودة الى بيوتهم وديارهم. ثم تابع متوجها الى الجميع:
يسر جمعية ابناء سحماتا وأهاليها في هذه الذكرى ان تكرّم الشخصية الوطنية الفلسطينية البارزة وابن سحماتا البار احمد اليماني (ابو ماهر) اللاجئ قسرًا في لبنان، لمواقفه الوطنية وبمناسبة بلوغه الرابعة والثمانين عاما متمنين له الصحة والعافية ومزيدا من العمر..

لقد أمضى جلّ عمره في الدفاع عن القضية الفلسطينية، يجمع فرسان العودة ويربي الاجيال الناشئة. يذكر الشهيد الفلسطيني ناجي العلي في مذكراته: "حين كنت صبيّا في عين الحلوة، انتظمت في فصل دراسي كان مدرسي فيه ابو ماهر اليماني. وعلمنا ابو ماهر ان نرفع علم فلسطين وان نحيّيه، وحدّثنا عن اصدقائنا واعدائنا.. وقال لي حين لاحظ شغفي بالرسم، ارسم.. لكن دائما عن الوطن..

اننا نحن ابناء سحماتا نفتخر ونعتز بهذا الانسان المتواضع، المجبول عزة وكرامة، عطاء ووفاء.. ومن على هذه الرابية حيث ركام بيت ابو ماهر وركام بيوت أهل بلده، نبعث بتحيات الأمل والصمود وتحيات العودة له، ولعائلته ولجميع اهالي سحماتا وسائر اللاجئين والمهجرين.


تصوير سهيل سمعان


أدعو ابن سحماتا الفنان كمال سليمان ليتسلم هذا الدرع نيابة عن جيل النكبة وجيل ما بعد النكبة كي يجد طريقه لاحقا الى احد ابنائه في دنيا الغربة كي يوصله بدوره الى والده الحبيب.

وفي النهاية، وجه الاجتماع تحية نضالية الى اهالي عكا على وقفتهم البطولية بالتصدي للحملة العنصرية المسعورة، والوقوف الى جانبهم ضد هذه الهجمة.


تصوير فادي وباسل سمعان

هذا، وقرأ ابن سحماتا حميد ذيب العرب بعضا من قصائده التي تتغنى بحب بلده، بحب الجرمق وحب فلسطين.



صور من تصوير سهيل سمعان














صور من تصوير فادي وباسل سمعان








الذكرى الـ 60 لنكبة سحماتا


اعداد وجيه سمعان







® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com