|
الصراع حول القضية الفلسطينية يدار بعقلية الابتزاز - مالك قبطي
أمريكا وإسرائيل والرجعية العربية يتبعون سياسة الترغيب والترهيب ومن ثم محاولة ابتزاز شعبنا الفلسطيني لتمرير "صفقة القرن"
بعد اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، تحاك مؤامرة جديدة ضد الفلسطينيين من خلال قطع الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الفلسطينية ومن خلال وقف التمويل الأميركي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الذي يزيد على 250 مليون دولار سنويًا، واحتجزت إسرائيل أموالًا للفلسطينيين، يأتي هذا الحجز، في الوقت الذي وصلت فيه المساعدات الخارجية المباشرة لميزانية السلطة الفلسطينية إلى حالة دراماتيكية وخاصة المساعدات العربية. امريكا تلجأ الى سياسة الترغيب والترهيب ومن ثم الابتزاز في التعامل مع الدول والمؤسسات الدولية التي تقوم بمساعدة الفلسطينيين، لكي تستطيع تمرير "صفقة القرن" وهدفها استبدال الحقوق الفلسطينية ببعض الفوائد الاقتصادية. تصفية "الأونروا" بعد فشل محاولة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تصفية الوكالة من خلال وقف التمويل الأميركي للوكالة، الذي يزيد على 250 مليون دولار سنويًا، وطلبهما من دول العالم أيضًا وقف التمويل بحجة أن وجود هذه الوكالة الدولية يعني استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حل، أصبح لديهما الآن حجة لمعاودة الكرّة مرة أخرى. إدارة ترامب تهدف من وراء مساعيها لتصفية "الأونروا" وإلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي إحدى قضايا المرحلة النهائية، بل ربما أكثر القضايا أهمية. منذ عدة أسابيع ودون مقدمات، بدأت المؤامرة الجديدة تظهر للعيان من خلال أخبار عن استقالة مسؤولين في "الأونروا" بتهمة الفساد، دون الإعلان عن ماهية هذا الفساد والمتورطين فيه، وهل هم من كبار الموظفين أم من ذوي الدرجات الدنيا. هنا بدأت انباء الفضيحة تتناثر وتنعكس تدريجيًا على الوكالة نفسها، فقبل اسابيع أعلنت سويسرا وهولندا عن تعليق مساهمتيهما في ميزانية الوكالة إلى حين الانتهاء من التحقيقات حول الفساد ومدى انتشاره في جسد هذه المؤسسة التي تعتبر عماد قضية اللاجئين، ورغم الإعلان السويسري في البداية فإن الصمت ظل سائدًا حتى جاء الإعلان الهولندي بعده، حيث أعلنت أمستردام عن وقف مساهمتها في التمويل إلى حين ظهور النتائج وجلاء الحقيقة حول حجم الفساد ومفاصله. التحقيق في الفساد جاء من خلال إعلان مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة في نيويورك عن فتح تحقيق على خلفية اتهامات بالفساد، حيث تم تسريب هذا التقرير من جهات مشبوهة وبتوقيت مشبوه وخطير. فمن حيث التوقيت، جاء التسريب قبيل تجديد تفويض وكالة الغوث لمدة ثلاث سنوات في أيلول المقبل، حيث من المتبع تجديد هذا التفويض منذ إنشاء الوكالة بعد النكبة. ومنذ الإعلان عن التحقيق بدأت واشنطن وتل أبيب اتصالات مكثفة مع الدول المانحة وباقي دول العالم لوقف التجديد للوكالة، ليس على قاعدة سياسية هذه المرة وإنما على قاعدة الفساد. خبراء في الوكالات الدولية يؤكدون أن خطورة الأمر تكمن في الخشية من الإعلان عن وكالة الغوث كمؤسسة فاشلة، والتي تستوجب تدخلًا من أجل وقف هدر المال الدولي الذي يذهب إلى غير مستحقيه. الحديث عن الفساد في الوكالة يدور منذ سنوات طويلة وربما منذ بداية تأسيسها، ما الذي تغير هذه المرة ولمصلحة من؟ الفساد لا يقابل بالتصفية واغتيال الوكالة ولكن بزيادة الرقابة والشفافية المالية. أن نجاح أمريكا وإسرائيل في إقناع العالم بأن «الأونروا» مؤسسة فاشلة، سيؤدي إلى وقف تمويل الوكالة وبالتالي تصفية قضية اللاجئين. حكومة إسرائيل والتضييق المالي على السلطة من ناحية ثانية قررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، احتجاز مبلغ 138 مليون دولار من تحويلات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، ردًا على ما تقدمه السلطة من مخصصات مالية إلى أسر الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. الادعاء هو ان المبلغ يساوي ما دفعته السلطة الفلسطينية، العام الماضي، "لإرهابيين مسجونين لدى إسرائيل ولأسرهم وللسجناء المفرج عنهم"، على حد زعمها. يأتي هذا الحجز، في الوقت الذي وصلت فيه المساعدات الخارجية المباشرة لميزانية السلطة الفلسطينية إلى حالة دراماتيكية، وهي في ذروة انخفاضها، وانخفض الناتج المحلي الفلسطيني الإجمالي من 10% قبل خمس سنوات ليصل الآن إلى 3.5%. وقطعت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الفلسطينية في عام 2018. ويمكن أن تزداد الأزمة المالية سوءًا إذا ما التزم الرئيس عباس بالإنذار الذي أعلنه، عندما قال: "إننا لن نتسلم الأموال منقوصة قرشًا واحدًا، ولن نقبل بذلك إطلاقا". قال ممثل صندوق النقد الدولي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، روبرت تشايدزه: "حتى بدون هذا القرار فقد واجهت السلطة الفلسطينية بالفعل عجزًا كبيرًا في الميزانية" وخاصة بعد تراجع المساعدات من بعض الدول العربية التي خضعت للابتزاز الامريكي. وتوقع صندوق النقد الدولي، أن تواجه السلطة عجزًا قدره 620 مليون دولار في عام 2018 وقد يصل العجز نحو مليار دولار. ان الالغاء التام للمساعدات الامريكية التي تقدم للشعب الفلسطيني، وتراجع المساعدات العربية تعتبر توسيع دائرة الحصار وبداية مرحلة جديدة. يشترط ترامب (الرضوخ الى شروطه) حيث يعتمد سياسة الترغيب والترهيب ومن ثم الابتزاز والهدف عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لتسليمهم المساعدات، بهدف استبدال الحقوق الفلسطينية ببعض الفوائد الاقتصادية. عن الاتحاد 15/8/2019 |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |