صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية – بقلم : تميم منصور

هوية واضحة قولا وفعلا وفي الميدان!

**فشلوا وسيفشلون

محاولات بنيت سوف تفشل كما فشلت سابقاتها، لقد اثبت المواطنون العرب انهم وحدة قومية واحدة، واثبتوا ذلك في الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، وقدموا الضحايا تلو الضحايا وهم يدافعون عن حقوقهم، وحقوق أبناء شعبهم في الأراضي المحتلة. الأجيال الحديثة الناشئة التي انتظر ساعر وبنيت اسرلتها هي بمثابة رأس الحربة في كل مظاهرة او احتجاج، هذا ما حدث في أم الحيران ووادي عارة ويوم الأرض الخالد والروحة والمظاهرات في يافا وغيرها

لا تريد أجهزة الظلام والمؤسسة الحاكمة في إسرائيل بمختلف مهامها ومسمياتها الاعتراف بفشل كافة المحاولات والخطط التي حيكت لزرع اليأس في عقول ونفوس المواطنين العرب، وارغامهم على التنازل عن هويتهم القومية الفلسطينية.

سبعة عقود متلاحقة منذ النكبة حتى اليوم لم تتوقف هذه المحاولات، صرفت الأموال، وتم الاستعانة بخبرات أجهزة المخابرات وتم الاستعانة والتشاور مع خيرة وكبار المستشرقين اليهود، على اعتبار أنهم يعرفون نفسية المواطن العربي، كما استخدمت سياسة القبضة الحديدية ضد المواطنين العرب من الاعتقالات التعسفية ومصادرة الأراضي والملاحقات السياسية، والحرمان من العمل، تم كل ذلك تحت سقف الحكم العسكري.

بعد الغاء الحكم العسكري أخذت أجهزة الشاباك والعديد من المؤسسات والأحزاب الصهيونية، على عاتقها الاستمرار بهذه المهمة بطرق أخرى، لقد تدخلت هذه الأجهزة والمؤسسات في كثير من الحالات في حياة الأسرة العربية، لكنها فوجئت عندما علمت ان أبناء هذه الأسر متهمون بالعمل ضد أمن الدولة والانضمام لفصائل المقاومة الفلسطينية، كما حدث عند بعض الأسر في منطقة المثلث الجنوبي.

هذه المحاولات فشلت في خلق أجيال عربية معزولة عن ماضيها وحاضرها الوطني وتراثها وهويتها، فوجئت أكثر عندما اكتشفت أن هذا الانتماء الراسخ يتجدد بشكل غريزي لدى الأجيال الناشئة، خاصة طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات العرب.

آمنت هذه القوى أنه بالإمكان خلق أجيال عربية حديثة غارقة بالأسرلة، كما فعلت فرنسا في مستعمراتها في القارة الافريقية، لقد ارضعت ثقافتها ولغتها لغالبية الشعوب في القارة الافريقية وفي مقدمتها الجزائر، كما أقامت جيشًا من المرتزقة من أبناء هذه الشعوب، وحاولت استخدامه لقمع ثوراتها ضد الاحتلال الفرنسي، لقد استخدمت عناصر هذا الجيش لقمع ثورة الجزائر، لكن إرادة الشعب الجزائري وغيره من الشعوب ـ كانت أقوى من كل مخططات فرنسا الاستعمارية.

ركزت القوى الإسرائيلية أكثر ما ركزت على طلاب المدارس العربية على اعتبار أن هؤلاء الطلاب عجينة لينة ومواد خام يمكن صبها في قوالب الاسرلة والصهينة وبالإمكان تفكيك جزيئاتها وبعثرتها لخلق أجيال غريبة عن بعضها البعض، وغريبة عن عاداتها وتقاليدها ولغتها، هذا ما فعلته بعشرات الألوف من الصبية الذين تم خطفهم من اسرهم اليهودية وغير اليهودية في المغرب وتونس وليبيا ودول أوروبية مختلفة، كانت تتمنى فصل الطلاب والصبية العرب عن ذويهم لصبهم في قوالب صهيونية خاصة.

من أجل تنظيم هذه المشاريع التصفوية لتراثنا وهويتنا صيغت مناهج تعليمية خاصة بالمدارس العربية مشوهة ومزيفة، وتم ادخال عشرات من المعلمين اليهود للعمل في المدارس العربية، لانجاح هذه المشاريع، كما تم اجبار المدارس العربية على الاحتفال بيوم النكبة – يوم الاستقلال، بإقامة نشاطات وفعاليات وهمية، كشفت عن النوايا الحقيقية لجهاز التعليم ومكتب رئيس الوزراء ومستشاره، فرضت في هذه المدارس كتبًا صفراء مشوهة، خاصة في درس الموطن في المدارس الابتدائية، والمدنيات في المدارس الثانوية، إضافة الى كتب التاريخ، كلنا نذكر كتاب المدنيات الذي ترجمه كمال منصور تحت عنوان "كيف تحكم إسرائيل " ضم هذا الكتاب مواد لا علاقة للطالب العربي فيها، بين سطوره وجدت المبررات لفرض الحكم العسكري، احد هذه المبررات حماية المواطنين العرب ممن لا أعرف، كان الهدف من فرض هذا الكتاب اقناع الطلاب العرب بأن إسرائيل واحة الديمقراطية.

من بين كتب الموطن التي فرضتها وزارة المعارف، كتاب "أنا مواطن إسرائيلي" وكتب أخرى، هدفها جميعا تشويه فكر وانتماء الطالب العربي، لكنها جميعها اندثرت وفشل هذا المشروع.

استمرت هذه السياسة عشرات السنين ولا تزال تتجدد وتتغير حسب المقاييس العنصرية لرئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم، كل وزير يحاول افراز مخزونه ووزنه العنصري اليميني الفاشي، من خلال محاولاته فرض زي تربوي أكثر انحرافًا لكافة المضامين الثقافية الصحيحة، حاولت لجنة المناهج في مادة التاريخ وانا كنت عضوًا فيها، وضع صيغ ومواد صحيحة تلائم وتتمشى مع عقلية وفكر وانتماء الطالب العربي، لكن وزارة المعارف الموجهة من الشاباك وكانت ترفض هذه المواد، خاصة فيما يخص تاريخ فلسطين.

رفضت وزارة المعارف غالبية الاقتراحات التي قدمتها لجنة متابعة التعليم العربي وعدد من كبار المثقفين العرب، وزراء التربية والتعليم المسؤولون عن كارثة التعليم العربي أكثر. وأذكر آخر وزيرين منهم، الوزير قبل الأخير جدعون ساعر الذي حاول تحويل مدارسنا الى حظائر تعليمية تتمشى مع فكره التوراتي اليميني، طالب بعزف نشيد إسرائيل الوطني في الصباح، أصر على رفع علم الدولة فوق المدارس العربية، مع ان المدارس اليهودية غير ملزمة بذلك، فرض كتابًا لتعليم موضوع المدنيات، يفتقد كافة القيم الاخلاقية والتربوية، هذا الكتاب لا يختلف عن جدار الفصل العنصري الذي فرضه الاحتلال لمحاصرة الفلسطينيين واجبارهم العيش في كنتونات معزولة عن بعضها، لمنع التواصل بين أبناء الشعب الواحد، هذا شأن كتاب المدنيات الذي أراده ساعر، هدفه منع التواصل الحضاري واللغوي والفكري بين الطالب العربي وتراثه وحضارته.

لم يكتف الوزير الحالي نفتالي بنيت بكتاب ساعر، ان وجوده وافكاره وعنصريته القومية والدينية يتناقضان مع وجوده فوق منصة التربية والتعليم، لقد أصر على إضافة المزيد من المداميك في جدار الفصل التربوي لتجهيل الطلاب العرب، وتلقينهم معطيات هامشية تزيد من غربتهم عن تراثهم وعن كل انتماءاتهم، يريد هذا الكتاب اجبار الطالب العربي الاعتراف والايمان بأن إسرائيل أي فلسطين التاريخية خاصة باليهود فقط، وان العرب قبائل قدمت من وراء الحدود من شرق الأردن، وصحراء سيناء وسوريا ولبنان.

أخطر ما في هذا الكتاب إصرار المؤسسة الحاكمة على اعتبار المواطنين العرب شرائح اثنية ودينية لا صلة بينها، فهناك القومية الإسلامية والمسيحية والدرزية والبدوية، إضافة الى قومية جديدة اضافها العنصري بنيت وهي القومية الآرامية.

إن محاولات بنيت سوف تفشل كما فشلت سابقاتها، لقد اثبت المواطنون العرب انهم وحدة قومية واحدة، واثبتوا ذلك في الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، وقدموا الضحايا تلو الضحايا وهم يدافعون عن حقوقهم، وحقوق أبناء شعبهم في الأراضي المحتلة.

الأجيال الحديثة الناشئة التي انتظر ساعر وبنيت اسرلتها هي بمثابة رأس الحربة في كل مظاهرة او احتجاج، هذا ما حدث في أم الحيران ووادي عارة ويوم الأرض الخالد والروحة والمظاهرات في يافا وغيرها، ان وجود القائمة المشتركة ولجنة المتابعة وغيرها من المؤسسات القطرية العربية تدل على فشل كل المشاريع التي هدفت الى مصادرة ارادتنا وهويتنا القومية.

عن موقع الجبهة
1/9/2017







® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com