القضية الفلسطينية عوامل تصفيتها وأسباب صمودها - نمر ريحاني

إشتباكات في مخيم عين الحلوة، فتن يشعلها عملاء إسرائيل


**الدور الأسرائيلي

جنبا إلى جنب مع كل الذي يدور في المنطقة على أيدي داعش وأخواتها كتائب الربيع العربي من الحروب والويلات وبالرغم عنه، تأبى القضية الفلسطينية الا أن تكون حاضرة ولا تختفي مع كل هذه الأحداث التي تعدها وتلعبها إسرائيل والتي هدفها الأول والأهم هو تمييع القضية لتصبح حدثا ليس ذا شأن يعفي عليه الزمن ثم طمسها. ويتجلى ظهور هذا الدور في مجالات وصور عديدة ومختلفة ووفق ترتيبات خطط لها ان تكون لتأتي بالمطلوب. فتعالوا نستعرض بعض وأهم ما تتعرض له هذه القضية من أحداث

وبادئ ذي بدء فالمخططون لهذا الربيع العربي أصحاب داعش الذين أوجدوه وعلى رأسهم المخطط الأول وواضعة البرامج إسرائيل تقودهم كما تشاء وفي أي اتجاه تريد، تتبعها أمريكا مقوده فالدول الأوروبية التابعة والذين بحسب مفهومي يمكن ان يقال عنهم المساكين، فان نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية يلعب بهم شمالا ويمينا، ثم المتعاونون معها أمثال تركيا والسعودية وقطر وهم بمثابة الشغيلة المتعهدين بالتنفيذ نيابة عنها، في حين تظهر إسرائيل بموقف المتفرج وكأنها لا تدري شيئا، بينما هي المخطط لكل شيء. فما عليها إلا إن تشير بإصبعها حتى يهرولوا الى التنفيذ ومعظمهم حتى لا يعرف لماذا ينفذ او ما هو الهدف البعيد من وراء فعلته، وأن فعلته هذه سوف لا تعود عليه هو نفسه بشيء من النفع.

واما في ما يخص الهدف البعيد فهو حلم إسرائيل الدائبة في التخطيط له وتصبو الى تحقيقه، وتكون هي وحدها سيدة المنطقة منطقة الشرق الأوسط كلها وهي الآمر الناهي صاحبة الحل والربط ومفتاح المنطقة بيدها. وكلنا لا بد عرفنا عن مشروع إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات كي يؤول الحكم لها وحدها وبلا منازع مثل ايران مثلا او غيرها، ولا شريك حتى ولو كان ذاك الشريك هي أمريكا نفسها وهنا تتضح لنا الصورة عن سبب الموقف العدائي والحملة المسعورة التي تتبناها إسرائيل ضد ايران، لكن ولتحقيق هذا الحلم يكون لزاما عليها ايضا دفن كل شيء اسمه قضية فلسطينية او ما يمت لها بصلة، فالقضية الفلسطينية هي جد مقلقة لها انها، الشوكة في فراشها لذا فانه ليس عبثا انها تحاول تخبئتها في أماكن صعبة في دهاليز مظلمة، وفي متاهات تؤدي الى محوها بالمرة ان أمكن. وسنرى فيما يلي تلكم الطرق الأدوار والسلوكيات التي تعتمدها إسرائيل وقامت بتنفيذها في مجالات متعددة ومختلفة، لكل منها دوره في تحقيق الهدف المنشود يعني تصفية القضية.

**أولا :اعتماد عامل الزمن والتقادم

ويتجلى ظهوره فيما يلي وحيث ان لكل حدث في حياتنا العامة والخاصة وقعا معينا اشد ما تكون سخونته وألمه او فرحه ان كان مفرحا لحظة وقوعه ثم لا يلبث إن يبدأ يبرد شيئا فشيئا، لذا فانهم واعني أصحاب الربيع العربي وإسرائيل بالذات ليس عبثا أنهم يحاولون طمر هذه القضية بخلق أكوام من الأحداث الجسام الموجعة التي تقشعر لها الأبدان احداث ونحن لا نبالغ إذا قلنا تشيب لها رؤوس الأطفال وتنسيهم حتى صدور أمهاتهم، نوائب تتكدس فوقها وكل ذلك إنما يحصل وبفعل فاعل والقضية الفلسطينية هي المستهدفة اولا، وذلك حتى تبيينوكأنها باتت قضية بسيطة وثانوية وليست من الدرجة الأولى اذا ما قورنت بذاك الذي يجري على الساحة ويصبح بالإمكان وضعها جانبا على الرف، ورويدا رويدا بمرور الأيام تتدحرج الى دواليب النسيان. فالساحة مليئة بالأحداث الساخنة التي هي أحوج منها للعلاج والحل الآن. وتترك القضية لعلها تنسى ولا تعود تظهر، إلا أنها وبالرغم من كل ذلك تعاود لتقوم وتطل برأسها على العالم من جديد. والسبب واضح فهي قصة شعب أكلت حقوقه تعرض وما زال في كل يوم يتعرض إلى محاولة محو من الوجود، وبات لزاما عليه الا أن يبتلع هذا الشعب الفلسطيني نفسه حتى يتماشى الوضع مع ما يريدونه وما ادعوه، فقالوا انهم وجدوا أرضا بلا شعب خالية من السكان ونحن فلسطينيي الداخل ما زلنا نعيش تلك الحالة والدليل أهل قرانا المهجرة فها هم ما زالوا حتى يومنا هذا داخل إسرائيل يعيشون في قرى غير قراهم الأصلية هجروا اليها، بينما قراهم الأصلية وأرضهم الحقيقية هي حرام عليهم حتى وان كانت فقط على بعد كيلومترات معدودات منهم لكنهم ممنوعون من العودة اليها او حتى دخولها فهم الحاضر الغائب، ولقد قالوا ايضا بانه ليس هنالك شعب يعرف بهذا الاسم أي الشعب الفلسطيني وعمِي العالم عن تلكم الجموع التي أرغمت على التهجير قسرا ومغادرة بلداتها وقراها وجاءت إلى معسكرات مليئة بخيام في البلاد المجاورة، فمن تكون إذن هذه الناس إن لم تكن هذه الجموع هي الشعب الفلسطيني.

**ثانيا: دور قيام دولة إسرائيل والبدء بسرقة الأرض

واستنادا الى قرار التقسيم وكما نعلم سارع الجانب اليهودي الى تبني موقف الموافقة والتظاهر بالقبول مبدئيا وأعلنوا إقامة دولتهم دولة إسرائيل، ومنذ اللحظة الأولى كانت عينهم على ابتلاع الشق الآخر حصة الشعب الفلسطيني، انه دور سلكته إسرائيل وما زالت تستند في تنفيذه على كافة الظروف والأحداث التي تلم بالمنطقة، يستغلونها وها هم يغتنمون الفرص وبينما العالم مشغول بما يدور على الساحة والعمل على إخماد النيران وهم من اشعلها وخصيصا، ويمدون ايديهم ذات اليمين وذات الشمال ويسرقون قطعة هنا وأخرى هناك والعالم لاه والهيئات الدولية غائبة، ثم يتباكون على السلام وحل القضية وعلى مرآى من العالم يقومون على عينك يا تاجر بالتمثيلية إياها، الا وهي إخلاء لعدد من الأنفار وفقط لعدد من الأمتار أرادوا الاستيطان في ارض بحسب ادعائهم انها لهم ملكهم من الله على يد أبيهم إبراهيم، وأكثر ما يعجبني بهذه التمثيلية هو كيفية إخراجها والحكومة الإسرائيلية تجيد التمثيل بحيث تكون مؤثرة تصور مدى تعلق الإنسان اليهودي فقط بأرضه والحزن والمرارة جراء إجباره على التخلي عنها، ويشاهد العالم بان الإخلاء يتم على يد حكومتهم وقواتهم وتظهر صورة غاية في العدل والإنصاف ويقول العالم أي ديمقراطية هذه ما أعظمها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل أحست هي او تحس بألم ذاك اللاجئ الفلسطيني الذي ومنذ سبعين عاما شرد من أرضه التي هي ملك له من أبيه وجده لم يسرقها من احد، وما زال كل يوم يتجرع لوعة التهجير والغربة انهم يرون البضعة أمتار، اما تلك المدن الكبيرة المقامة على تلك المساحات الشاسعة الأخرى من أراض فلسطينية فلا يرونها، فهي تابعة لأورشليم وهي ارض حلال سرقتها.

وبينما نحن في معرض الحديث عن سلوك وتصرف إسرائيل للاستيلاء على حصة الشعب الفلسطيني، فلا بد لنا ان لا ننسى بابا أعطى لإسرائيل المجال والوقت وسمح لها بمد اليد والسرقة، انه باب المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وانا لا أقول بأنها يجب ألا تكون الا أن إسرائيل استغلتها للسرقة، فهذه المفاوضات عادة ما تكون لأسبوع ثم توجد إسرائيل إشكالا ما وتتعطل، تمر سنين لا مفاوضات درس يحفظونه جيدا مفاوضات لعشرات السنين دون إحراز أي تقدم الى الأمام بل مكانك عد، لماذا لانه في الحقيقة ان إسرائيل تريد كل فلسطين بل أكثر والمفاوضات فقط على أعين العالم يتذرعون بحجج واهية لإفشالها، مرة يدعون انه لا يوجد لدى الطرف الفلسطيني شريك يتفاوضون معه والقصد هنا انهم يريدون مفاوضا يأتي فقط ليوقع لهم على كل ما يريدونه والسلام او يقولون مفاوضات بدون شروط مسبقة، في حين انهم يكونون هم من يضع الشروط مثل طلبهم الاعتراف بيهودية الدولة قبل معاودة استئناف المفاوضات، اوليس هذا شرطا وهكذا سيستمر الحال ظاهرهم يلغط بالسلام والمفاوضات لكن داخلهم لا يريدها، ويبقى الحال بين مد وجزر ودولة إسرائيل قائمة وتتمدد اما دولة فلسطين بقيت وما زالت ضائعة الى الآن.

مضى سبعون عاما الى يومنا هذا، شعب كباره ممن عاشوا النكبة قد ماتوا حتى أولئك الذين ولدوا في الشتات أدركهم الموت وتشرد من تشرد من هذا الشعب، وما زال يعيش حائرا مذهولا من تعدد الفصائل وكثرة الأسماء، فالخزانة مليئة بالأسماء فقط افتح واختر لك اسما ابو او ابن فلان واذهب فأنت أمير والصلاة والسلام عليك واللواء او الفصيل الذي لا يعجبك خذ بدله أسماء شُوه بها تاريخنا، فجند الأقصى يبحثون عن الأقصى في سيناء ليحرروه وأصبح هذا الشعب يفتش عن الأمان في كل قرنة، فلا يجدونه الطرق الى الأمان جميعها مغلقة إلا طريقا واحدا بات على الفلسطيني ان يسلكه ويلتمس الأمان فيه وهو إن يهاجر الى بلاد تبعد كل البعد عن فلسطين، لأنه حتى مجرد بقائه في مخيم بالقرب من حدود إسرائيل انما يشكل خطرا عليها، لذا كان برنامج تخريب المخيمات وجعلها تهاجر وتتحمل العبء والتكاليف الباهظة وضيق الحال والمرة تلو المرة هجرة تتبعها أخرى والى الديار البعيدة، ثم وما ان يضع ذلك اللاجئ أحماله حتى يستفيق سماسرة الأرض لإسرائيل حوله وقد سبقوه أرسلوا من يقتفون أثره وهو في أمس الحاجة لا يجد ما يأكل فماذا هو فاعل. ان هذا هو الهدف لم دار ويدور الآن في المخيمات مثل نهر البارد واليرموك وعين الحلوة وغيرها من فتن يشعلها عملاء إسرائيل، والا لماذا اقحمت في نزاعات لا تعنيها، ان كل هذا ومع إطالة الزمن إنما يؤدي الى تصفية القضية وهو المطلوب، هذه هي إسرائيل وهذا هو دورها.

عن موقع الجبهة
10/5/2017






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com