|
رد الاعتبار لثورة عام 1929 كثورة الفلاحين الفلسطينيين المناهضة للامبريالية والصهيونية والاقطاع! - عصام مخول
اختيار إحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بتكريم شهداء الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1929: عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي، الذين علق لهم الاستعمار البريطاني المشانق، هنا في سجن عكا- التي لم تخَف في يوم من الايام من هدير البحر- يحمل أبعادا غير اعتيادية في وضع غير اعتيادي ويشكل تكريما لتضحيات الشعب الفلسطيني الكبيرة في معركته التحررية الطويلة.
include ('facebookshare.php'); ?>
إن بناء النصب التكريمي للشهداء الثلاثة يحمل رسالة تقول إن نكبة الشعب الفلسطيني لم تبدأ في العام 1948، بل كانت عملية متواصلة ومتراكمة من اغتصاب الوطن وتشريد الشعب الفلسطيني، انطلقت بوعد بلفور ووصلت قمتها في عام 1948 ولما تنته بعد، وأنها لن تنتهي ما دام الشعب الفلسطيني محروما من تجسيد حقوقه القومية وتحقيق أمانيه الوطنية في العودة والتحرر والاستقلال. إن هذا العمل الجبار والوفي الذي دعت اليه اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب السوري وقيادته الوطنية، وهذا التجاوب الواسع من السواعد السمراء والقبعات الحمراء من نشيطات ونشيطي اللجنة الشعبية، يشكل ردا للاعتبار لانتفاضة الشعب الفلسطيني التاريخية الاولى التي انفجرت في آب من العام 1929 ووضعها في سياقها التاريخي الوطني الصحيح. لقد استماتت الحركة الصهيونية في دمغ هذه الانتفاضة الوطنية بتصويرها سلسلة من المجازر "اللاسامية" (بوغروم)، نفذها العرب والمسلمون، كونهم عربا ومسلمين، بحق اليهود، كونهم يهودا. واستماتت حكومة الاستعمار البريطاني في غسل أيديها من المسؤولية عن الدم الغزير الذي سفك، من خلال وصف الاحداث الدامية وتصويرها بأنها مجازر متبادلة ارتكبها العرب واليهود أحدهما ضد الآخر، تحتم تعزيز الوجود البريطاني الاستعماري في فلسطين باعتباره الحل الامثل والوحيد.. وتركزت القوى التقليدية العربية والمؤسسة الدينية في تصوير هذه الانتفاضة الوطنية، وكأنها صدام ديني محوره الصراع حول ترتيبات شعائر الصلاة في باحة حائط البراق، على نسق "الاقصى في خطر"، وباتت تدعى: ثورة البراق. إن مشروع النصب التذكاري أمام أضرحة الشهداء الثلاثة في عكا اليوم، يشكل استمرارا لرد الاعتبار التاريخي لانتفاضة الشعب الفلسطيني عام 1929، باعتبارها ثورة وطنية مناهضة للامبريالية البريطانية وللمشروع الصهيوني، وليست معادية لليهود كونهم يهودًا، برغم ما علق بها من مظاهر سلبية حرفتها احيانا عن طابعها الوطني. وباعتبارها انتفاضة الفلاحين والمعدَمين الفلسطينيين ضد الامبريالية والصهيونية وخيانة الاقطاعيين العرب يكفي أن نستعيد الى الأذهان الصورة التي يسردها إميل توما في "جذور القضية الفلسطينية"، حول نسبة العائلات الفلسطينية الفلاحية المعدمة، التي بقيت دون اي مصدر للعيش في العام 1929 والتي وصلت نسبتها الى 30% من العائلات الفلاحية، اذ وصل عددها الى 87 ألف عائلة، لندرك أن هذا الانفجار كان حتميا وثوريا دفاعا عن البقاء وعن الوطن وعن لقمة العيش سواء بسواء. لقد نتج البؤس الفلسطيني المنفجر في عام 1929 عن تصعيد سياسة مقاطعة العمل العربي الصهيونية من جهة، وتكثيف عمليات بيع الاراضي التي تمت بين الاقطاعيين العرب وبين الحركة الصهيونية، وكانت نتيجتها طرد الفلاحين العرب من الاراضي التي يفلحونها، وتشريدهم من قراهم الزراعية وتدميرها، لتصبح أولى عمليات التشريد والتهجير للشعب الفلسطيني كما حدث في مرج ابن عامر وأماكن أخرى. إن هذه الصورة تؤكد أن ثورة الشعب الفلسطيني عام 1929 كانت في جوهرها ثورة وطنية واجتماعية وطبقية تحررية، ضد عسف الاستعمار البريطاني وأداته الصهيونيية وبناء الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وهو ما يزيد من اهمية هذا الشكل الذي اختارته اللجنة الشعبية لإحياء ذكرى النكبة. إن النكبة لم تكن حدثا في التاريخ الفلسطيني فحسب، بل هي عملية تاريخية متواصلة، دأب عليها ولا يزال ثلاثي الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية. هكذا في فلسطين، وهكذا في العدوان الارهابي العالمي لتفكيك سوريا وتفتيت شعبها اليوم، وهكذا في العدوان على اليمن، وهكذا في تفكيك العراق وتفتيت ليبيا وتقسيم السودان.. ولذلك فإننا عندما نحيي ذكرى النكبة في مقبرة الشهداء في عكا بهذا الشكل اليوم، فإن أنظارنا ليست نحو الماضي فقط، وانما موجهة نحو ترسيم طابع الالتزام الوطني في الحاضر والمستقبل، في المعركة مع الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، جميعها معا وكل واحدة منها على حدة. الى ان تسقط المؤامرة الامبريالية على الشعوب ويسقط مشروع هيمنتها. * ألقيت في ختام بناء النصب التكريمي للشهداء عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي الذي نظمته اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب السوري وقيادته الوطنية في مقبرة عكا التاريخية في الذكرى الـ 68 للنكبة عن موقع الجبهة 17/5/2016 |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |