|
"العالم الحر اكبر كذبة عرفها التاريخ" - محمد نفاع
كم صدق العلّامة والمفكر الإسلامي الجزائري محمد أركون عندما قال: يكفي ان نغلّف أي فكرة بصبغة دينية حتى تقنع العرب باتباعك، طبعًا الأساس لذلك هو الفقر والجهل والبطالة والأمية والنظم البدائية الدكتاتورية بحماية أمريكا وقواعدها العسكرية، التي تطلق على نفسها " العالم الحر" وهي اكبر كذبة في التاريخ.
include ('facebookshare.php'); ?>
ليس صدفة ان تقف الغالبية الساحقة جدًا من الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم موقفًا موحدًا والى حد كبير من مختلف القضايا الجوهرية وفي أية بقعة من بقاع العالم، نذكر منها على سبيل المثال – الأزمة الكورية - نصرة الشعب الفيتنامي، كوبا، فلسطين، العراق، سوريا، ليبيا واليمن. هذه القوى يجمعها الفكر الثوري، والفكر الشيوعي الماركسي اللينيني، وتلتقي مع قوى ترى في الاستعمار وأتباعه خطرًا على أوطانها وشعوبها وهي مصلحة عليا، مثل المقاومة اللبنانية وسوريا وإيران وروسيا واليمن وجمهورية الصين الشعبية، وهذا موقف بناء وايجابي ومشروع ومطلوب حتى وان كان هنالك خلاف في الفكر، في الجانب الطبقي والاجتماعي. ونقول الغالبية الساحقة جدًا لان بعض الأحزاب لا يفرّق أحيانًا بين الأساسي الجوهري والثانوي، رأينا هذا الموقف الموحد للأحزاب الشيوعية والعمالية في الاجتماعات الدولية التي عقدت في السنوات السابقة في اليونان وقبرص والهند والمكسيك بدعوة من الأحزاب الشيوعية وحلفائها. وكذلك في اللقاءات المناطقية والقاريّة والثنائية. على مرّ التاريخ لم تكن هنالك حركة عالمية تمسكت بالثوابت وتتمسك مثل الحركة الشيوعية، لأنها تنطلق من فكر ثوري، تتغير القيادة لكن الموقف يبقى ثابتًا، لان الرأي الجماعي في الهيئات هو المصدر في النهاية، بينما نجد في أحزاب أخرى ونظم ومنظمات ودول دورًا شبه حاسم للقائد، للفرد بسبب الديمقراطية الشكلية الهشة لدى هذه النظم. إن معاداة الاستعمار والنضال ضده هو الموقف المحوري، فالاستعمار هو الاحتلال وهو الاستغلال وهو ناهب الثروات وهو مُشعل الحروب. قال جمال عبد الناصر: "إذا وجدتم أمريكا راضية عني فاعلموا أني أسير في الطريق الخطأ"، وهذا المثل وهذا القول انطبق بالفعل على عبد الناصر عندما لوّح بالخطر السوفييتي لفترة قصيرة ثم استدرك. أحيانًا تنوجد ظروف يتعاون فيها الشيوعيون حتى مع نظم رأسمالية استعمارية كما حدث في الحرب العالمية الثانية ضد النازية الألمانية والفاشية الايطالية والعسكرية اليابانية، مع العلم ان الولايات المتحدة وبريطانيا بالأساس، لم تقدم ما تقدر عليه لأنها ترى في النظام الاشتراكي عدوها الأساسي وليس النازية والفاشية، تلكأت كثيرًا بهدف ان يقضي هتلر على الاتحاد السوفييتي كما كان مصير فرنسا، لكن الشعب السوفييتي والجيش الأحمر بقيادة الحزب الشيوعي وستالين فوّتوا هذه الفرصة، وكان لهم الدور الحاسم في سحق النازية، بالرغم من محاولة مؤرخي الغرب تشويه الحقيقة الواضحة والدامغة. وكم أدهشني احد مدرِّسي التاريخ في جامعة تل أبيب وهو المعادي للحروب كما يقول، عندما أدان النازية الألمانية والاتحاد السوفييتي بنفس الدرجة والمسؤولية عن مقتل عشرات الملايين – يتكلم من منطلقات إنسانية جدًا! الحرب التحريرية عادلة جدًا وضرورية جدًا، والحرب العدوانية حرب إجرامية وهي السبب وهي المسؤول الوحيد عن شهداء وضحايا الحروب. وهذا ما نراه اليوم هنا، كل حروب إسرائيل هي حروب عدوانية ضد فلسطين ومصر وسوريا ولبنان، وكل مقاومة لهذا العدوان هي عادلة جدًا وضرورية جدًا ولا توجد معادلة، ولا توجد قضية أكثر وضوحًا منها وأكثر عدالة. لم نسمع عن حزب شيوعي ارتشى على حساب مواقفه. وسمعنا ونسمع عن الكثير من الأحزاب "القومية جدًا" "والمتدينة جدًا" وقعت في شباك الرشى من قبل الاستعمار مباشرة أو عملائه وأتباعه وعبيده، وعلى حساب أهم وأقدس القضايا التي يدّعون الدفاع عنها، ومن أقوال لينين الهامة والتي نحن بأمس الحاجة إليها اليوم: "أسفل أنواع الانتهازية قبول الثورة باللسان وخيانتها بالفعل"، قال هذه الكلمات في المخبأ السري عند بحيرة "رازليف" مع رفيقه زينوفييف الذي خاف من تسلّم السلطة وخان الثورة هو وكاميئيف. إن الأسس والمبادئ التي يرتكز عليها الشيوعيون، المبادئ الثورية والأممية والطبقية والماركسية اللينينية هي الأساس، هي الموجّه وهي الضمان، وكل انحراف فكري يؤدي إلى انحراف سياسي. بعدها يأتي دور التنظيم وفي صلبه المركزية الديمقراطية والقرار الجماعي ودور الهيئة، وهنا أيضًا نقتبس ما قاله لينين: الحزب لا يتوقف على شخص وأشخاص ولكنه يتقدّم بهم، وللفكر والمركزية الديمقراطية الفضل – المرجعية. في العدوان الأمريكي على العراق كانت الضربات الإجرامية صائبة، وكذلك على اليمن بنفَس أمريكا، الضربات الأمريكية اليوم ضد "داعش" وبقية الشلة في العراق وسوريا ليست بهدف القضاء عليهم بتاتًا والسبب معروف، تمامًا مثل موقف هذا الاستعمار في الحرب العالمية الثانية، جاء ليقطف الثمار. من هنا وعلى هذه الأسس الفكرية المعادية للاستعمار والصهيونية والرجعية العربية والعالمية ينبع الموقف من الحرب الكونية الإرهابية على سوريا، سوريا الدولة والشعب والجيش والوحدة والاستقلال والنظام، فهذه القوى الثلاث هي أساس المشكلة في فلسطين وسوريا ولبنان والعالم بما فيه اليمن والسودان. حزبنا الشيوعي يعتز بمواقفه النضالية ضد هذا الثالوث الإجرامي في كل مكان وبدون استثناء رغم المزاودات الفارغة والمناقصات الاستسلامية الرخوة الانحدارية. ويُسأل السؤال الشرس والصعب: أين دور الشعوب، أين دور الجماهير والآن بالذات؟! هذا موضوع بحاجة إلى دراسة معمّقة مبنيّة على خصوصية المكان. لكن أين دور المثقفين ورجال الفكر والأدب مثلا من تدمير معالم الحضارة العريقة في العراق وسوريا، من قبل الاستعمار والإرهابيين التكفيريين المدعومين منه ومن عبيده وأتباعه وحلفائه!! والانكى من الصمت، ان البعض منهم يقارن ويساوي بين النظام في سوريا وداعش الإرهابية. والبعض يقول: دعونا نجرّب هذه القوى التكفيرية كما جربنا النظام، قد يكون ذلك بسبب قصر النظر، أو الغرور أو التساوق والترضية لجهات تقف موقف الصمت و"الحذر" المشبوه والمرفوض، أو انها – هذه الأقلام – لا تريد ان تضيّق على نفسها، أو هي الذبذبة والوقوع في شرك "الحرية" – حرية الحمام البيتي ومجاله الضيق في الانطلاق. من تغزّل بإيران بالأمس انقلب ضدها، من تغزّل بحافظ الأسد وبشار الأسد بالأمس أصبح من ألد الأعداء، من مجَّد المقاومة اللبنانية وقائدها يقف اليوم في المتراس المعادي. إنها الرشوة، أو انتظار الرشوة، أو ضيق الأفق، أو الانتهازية الدنسة والملوثة. لا احد ينكر قدرة مكسيم غوركي كأديب عملاق، لكن لنقرأ ما قاله لينين عنه: غوركي كسياسي يثير البلبلة. لأنه مبلبل هو نفسه، ينقصه الحسم الفكري والتنظيمي. عندنا شعراء وأدباء على مستوى مرموق جدًا، نفتخر ونعتز بأدبهم، في الشعر والنثر، والسؤال المحيِّر كيف يتناقض جوهر إنتاجهم التقدمي الإنساني الرائع مع موقفهم السياسي المتبلبل!! وكم يؤلمنا ان بعض قادة الأحزاب التقدمية التي من المفروض ان تكون طليعية في تحريك الجماهير تقع اليوم بين براثن أموال النفط في دول الخليج!! إن الأيام السوداء الكالحة التي نعيشها في هذا العالم العربي والتي هي أيام مصيرية، ومحكّ مصيري، تتطلب موقفًا جريئًا شجاعًا نقيًا من كل الشوائب والمعوّقات، وفوق كل الذاتيات والاعتبارات، الموقف من سوريا هو المحكّ، والموقف من المقاومة اللبنانية هو المحكّ. "الباشا المصري الذي يدافع عن استقلال بلاده ضد الاستعمار، أفضل من العامل الانكليزي الذي يصنع السلاح ضد الثورة". الحداثة والحرية والتعددية لا تعني أبدًا الذبذبة والارجحة بين الخير والشر. عندما يجري العدوان الاستعماري على نظام معين، يجب ألا نتلهى بإظهار نواقص هذا النظام، كأننا نسوّغ العدوان عليه، في الوقت الذي كان البعض يرون فيه مثلا وقدوة!! هذا تلوّن ودجل. للشعب كامل الحق في كيفية التعامل مع نظامه، والشعب السوري بغالبيته أيّد النظام وأيّد الرئيس بنسبة أعلى بكثير من نسبة المشاركين في الانتخابات الأمريكية، لكن ما معنى التدخل الخارجي الاستعماري الصهيوني الرجعي!! الشيوعية فكرًا وممارسة ضد "تصدير الثورة" فكم بالحال "الثورة المضادة" والتدخل الرجعي. رأينا "الحرية" التي حملتها أمريكا إلى العراق، والى أفغانستان، والتي تحملها إلى سوريا، وهي نفس أمريكا التي تحمي أعفن النظم في العالم واخطر النظم من إسرائيل إلى السعودية وأمثالهما. أغزر بقعة في العالم اليوم من ناحية الدم المسفوك والمسفوح هي الشرق الأوسط والعالم العربي، ولسنا بحاجة إلى مجهر لنرى من المسؤول ومن المستفيد!! أمريكا وإسرائيل والرجعية، باستغلال الدين والمذهب الذي لوّح به هنري كيسينجر في سبعينيات القرن الماضي وبدأت بتطبيقه كوندوليسا رايس واختراع شرق أوسط جديد. وكم صدق العلّامة والمفكر الإسلامي الجزائري محمد أركون عندما قال: يكفي ان نغلّف أي فكرة بصبغة دينية حتى تقنع العرب باتباعك، طبعًا الأساس لذلك هو الفقر والجهل والبطالة والأمية والنظم البدائية الدكتاتورية بحماية أمريكا وقواعدها العسكرية، التي تطلق على نفسها " العالم الحر" وهي اكبر كذبة في التاريخ. عن موقع الجبهة 18/7/2015 |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |