![]() |
|
?حولا منزلهما في عكا إلى متحف نادر:
آمال وجبر أبو حامد فنانان يوثقان فلسطين بالنحاس - وديع عواودة ![]()
الناصرة ـ «القدس العربي»: آمال وجبر أبو حامد من مدينة عكا داخل أراضي 48 جمعهما عش الزوجية منذ 34 عاما، لكن الفن التشكيلي شغلهما الشاغل وشريكهما الثالث منذ بداية المشوار. فعبر الفن التشكيلي يحققان جبر وآمال الذات الإنسانية الكلية ويصونان الهوية العربية بل الإنسانية.
include ('facebookshare.php'); ?>
«القدس العربي» زارت الزوجين في منزلهما في عكا والتقتهما في ظلال شجرة ليمون وافرة الظلال في حديقة المنزل للاطلاع على أسلوب عمل الفنانين جبر أبو حامد (62 عاما) وقرينته آمال شمّا أبو حامد (56 عاما) لحفظ بعض من رواية مدينتهما التاريخية ورواية فلسطين برمتها. يوحي إنتاجهما الغزير والراقي متعدد الوجوه بقصة ثنائي آخر، الفنانان التشكيليان الفلسطينيان إسماعيل شموط وزوجته تمام الأكحل اللذان خلّدا برتقالة يافا وأسّسا سوية للفن التشكيلي الفلسطيني. آمال أبو حامد مربية ورسامة ومهتمة بالتراث. تنحدر من أسرة تعاطى بعض أبنائها الفن. تعمل مربية وهي حائزة على شهادة الماجستير في التربية والفنون وحرصت على تعليم ولديها التعليم الجامعي لكنهما اختارا مواضيع بعيدة عن الفن: بكرها محمد حائز على الدكتوراه في الرياضيات ويدرّسها في جامعة حيفا فيما درست الابنة هديل الأدب الإنكليزي. وبتشجيع من زوجها وولديها وضعت آمال كتابا في التراث يجمع بين الرسم والرواية التاريخية. عن ولادة كتابها الجديد «أسابيل وكيزان» توضح آمال أن علاقتها الوجدانية مع السبيل ترتبط بوالدتها التي كانت تسقيها من ماء السبيل المجاور لبيتها في حي المبلطة في عكا القديمة. وتشير إلى أنها لاحظت مع الأيام إهمال السبل المنتشرة في أرجاء مدينتها التاريخية (15 سبيلا) واندثار معالمها. وقالت إنها زاوجت بين الرواية الشفوية والمصادر التاريخية في تأليف الكتاب الجديد. ويتكوّن السبيل من حجرة التسبيل وملحقاتها وحجرة المزملاتي المعدة لخادم السبيل والصهريج. ويشي الكتاب أن عكا التاريخية تزودت بالمياه بواسطة الينابيع وعبر قناة تحمل على قناطر حجرية جلبت الماء من ينابيع قرية الكابري. وردا على سؤال توضح أم محمد أنها وثقّت سبلا تاريخية بعدما صممت على مواجهة التحدي. وأوضحت أنها أبت إلا أن ترمّم ذاكرتها بقلمها وريشتها. في كتابها الذي تستهله بالآية الكريمة «وجعلنا من الماء كل شيء حيّ» تتوقف في المقدمة عند حيوية المياه وتكّون الحضارات العظيمة عند مصادرها كالأنهار. وتستذكر أن السبل والآبار من حولها كانت بمثابة مقاهي وملتقيات شعبية تلعب دورا اجتماعيا أيضا من خلال توفير فرصة اللقاء والتعارف بين الناس وتبادل الآراء والمواد. أغان شعبية وتستذكر بعض الأمثلة والأغاني الشعبية المرتبطة بالسبيل منها «عطشان يا صبايا دلوني على السبيل» أو «أنا العطشان مالي شميه إلا عكا». وتتابع «تدلل السبل الكثيرة في عكا التاريخية على وفرة الخير فيها وكثرة الوافدين لها كمركز اقتصادي- اجتماعي ثقافي. ويحتوي الكتاب الذي يشمل رسومات للسبل والآبار وشروحات عنها أيضا على معلومات ورسومات حول السقا الذي كان يسترزق من خلال توفير المياه للمنازل وإشارات للآيات القرآنية الخاصة بالماء وبالسبيل». وتمتاز رسومات الفنانة العكّية بعفويتها وبساطتها بعيدا عن التكلف والإفراط بالزخرفة وفيها تصوير لمعالم المدينة في الفترات التاريخية المتعاقبة. وتبرز في رسوماتها المرأة الفلسطينية المناضلة جنبا إلى جنب مع الرجل وسوية تستعيد الرسومات والكتابات ملامح المدينة التي لم تخش هدير البحر، عكا. مغرم بالزخرفة الإسلامية فيما تعمل آمال بالأصباغ، يشتغل جبر على النحت وبناء اللوحات النحاسية، وهو مغرم بالزخرفة الإسلامية ومع ذلك ورغم مواهبه المتعددة التي تنم عن ذوق رفيع ولمسة وعن يدين من ذهب لا يعّرف نفسه بالفنان التشكيلي. ورغم أن بيته بمظهره وجوهره يبدو تحفة فنية نادرة يكتفي بالقول تواضعا :»لدي مهارات كثيرة وأطبقها». ولد الفنان جبر أبو حامد في مدينة عكا عام 1953 لعائلة قدمت لها من عرابة جنين قبل النكبة بقليل وهو خريج معهد الفنون «أفني» في يافا. وأمام مزاعم بلدية عكا المدينة التي تتولى شؤونها إدارة إسرائيلية ومحاولات تبرير استنكافها عن ترميم السبل التاريخية، بادر أبو محمد لبناء سبيل متناغما مع زوجته رفيقة دربه بهذا الهاجس. ويشير إلى أن هدف السبيل الجديد التأكيد على إمكانية وأهمية المحافظة على موروث حضاري ويضيف «يمكن ترميم السبل التاريخية واستعادتها بجهود لا تحتاج لميزانية ضخمة إن توفّرت النية». وسبق أن عرض الفنانان الزوجان جبر وآمال عدة عروض فنّية مشتركة أبرزها «متحف أمجاد العرب» الذي شمل أعمالا تشكيلية تروي رواية عكا منذ صلاح الدين الأيوبي وحتى ظاهر العمر الزيداني وتساهم في المحافظة على هويتها العربية العريقة. ولعدم توفر الرعاية المؤسساتية لنتاجه الفني، اضطر جبر لبيع قاعة المتحف المذكور قبل سنوات وتخزين محتوياته في منزله. وقال «توجهت للجامعة العربية وللجالية العربية في الولايات المتحدة وشرحت وأوضحت وعرضت رعاية المتحف لكن دون جدوى». ويضيف شاكيا أن بعض أقربائه وأصدقائه يأخذون عليه انشغاله بهذا الهم، هم الاهتمام بالموروث العربي. البانوراما الفلسطينية وداخل إحدى غرف المنزل تعرض «البانوراما الفلسطينية» وهي عبارة عن 13 لوحة نحاسية تروي تاريخ فلسطين من العهدة العمرية حتى النكبة. ويشير إلى أنه استلهم تخليد التراث بواسطة النحاس من الحضارة الفرعونية ويضيف أنه مسكون بهمّ المحافظة عليه من الاندثار. ويتابع «نحن لا نواجه مخاطر التهويد والأسرلة فحسب بل يتهددنا إهمالنا لتراثنا وانشغالنا بمصالحنا المادية الراهنة». ويتألق جبر متعدد المواهب في النحت والحفر على النحاس وداخل منزله. هناك أعمال فنية تتمناها أشهر المتاحف الدولية. أبو محمد الذي يمارس الفن من أجل الفن ولم يسوق نتاجه النادر حوّل منزله المبني منذ الاستعمار البريطاني لمتحف يحتوي رسومات زوجته وكافة أعماله التشكيلية. ولتأمين احتياجاته يعمل أبو حامد في بناء نوافير فنية بمستوى عال وبصياغة أدوات وخزائن نحاسية. كما بنى أبو محمد «حديقة جبر» في ساحة منزله الذي تبدو مداخله كواجهة معبد صيني فسيفسائية بفضل لمساته الفنية المتقنة. ويرتبط آخر أعماله بزيارة له للأردن حيث سمع أحدهم يشكو من غياب الصحافي العراقي منتظر الزيدي من الذاكرة العامة. وفور عودته لعكا بادر لتصميم حذاء كبير يذكّر بالصحافي الشجاع الزيدي الذي احتج على قتل العراق برمي الرئيس الأمريكي جورج يوش بحذاء. وطيلة أربع سنوات متتالية وظّف أبو محمد مهاراته كفنان تشكيلي متعدد المواهب لنحت تماثيل حجرية ومعدنية، تحف عمرانية فنية مستوحاة من العمارة الإسلامية، والصينية وحتى الروسية. وتزدان الواجهة الرئيسية للمنزل بالكثير من الأقواس الحجرية والأعمال الفنية اليدوية التي بناها بمحبة قطعة فوق قطعة بروية وتمعن. بيد أن زهرة المدائن، القدس هي أهم المدن عند جبر حتى لو غارت مدينته المدللة عكا فقد بناها كاملة على شكل مجسم في مداخل منزله الأنيق. استلهام غرناطة في مركز باحة الدار نافورة تحرسها ثمانية أسود حجرية مستوحاة من مسجد الحمراء في غرناطة الأندلسية تحيط بها أشجار التوت والزيتون والليمون وهو اليوم يقضي أجمل ساعات السهر بجوارها. وتستبطن أعماله الفنية معان مختلفة أبرزها السلام الذي خصص له لوحة نحاسية ضخمة يدعوها «لوحة السلام» استغرق العمل فيها عاما كاملا وفيها تظهر رموز قيمة السلم والصلح. وردا على سؤال يوضح أنه يعمل على تبيان الوجه الحقيقي للحضارة العربية الإسلامية أمام محاولات وصمهم بالإرهاب ونعتهم بالمخربين لافتا أنه لا يتردد في بذل مساع كبيرة لإظهار «وجهنا الحضاري». «لوحة السلام» مستوحاة مما جاء في الكتب المقدسة الثلاثة، وتزيّن مدخل منزله كالآية القرآنية:»وإن جنحوا للسلم فاجنحوا لها» والآية التوراتية حول نبوءة إشعيا: «فيصنعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل ولا ترفع أمة على أمة سيفا». 11/6/2016 |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |