![]() |
|
إلى أحبَّتي أهل الناصرة:
لنحافظ على تراث العيش والملح! - فتحي فوراني ![]() وقفة لفنانين في الناصرة ضد الدسّ الطائفي
أيّ توتير للأجواء لن يستفيد منه إلا الذين لا يريدون الخير لأهل الناصرة ولجميع أبناء شعبنا في وطن آبائنا وأجدادنا. أهيب بكم جميعًا أن تحكّموا العقل.. وتحافظوا على المدينة موحدة ومتآخية.. وإلا.. فأيّ مستقبل نريده لمدينتنا الحبيبة!؟
include ('facebookshare.php'); ?>
لقد نشأتُ في الناصرة عندما كانت ناصرة.. وكان جميع الأهالي قلبًا واحدًا.. وكان التآخي والاحترام المتبادل والألفة والمحبّة هي ما يميّز أهلها. كانت أعيادنا مشتركة تسودها الأجواء الدافئة المفعمة بالمحبة والفرح.. لم نعرف إطلاقًا كلمة "طائفية" ولم ننتبه إلى ما يُسمى الانتماء الديني أو الطائفي أو المذهبي لأصدقائنا وجيراننا وأحبتنا أولاد بلدنا وأبناء صفنا. ولم نكن نفكر عندما نتصادق ويصادق أحدنا الآخر من أبناء شعبه إلى أي طائفة ينتمي. كانت أعياد الطوائف العربية في المدينة أعيادًا لجميع الأهل في مدينة البشارة. وترسّخ في عقلي وقلبي ووجداني.. أن النسيج الاجتماعي المتماسك والأجواء الحضارية التي سادت مدينة البشارة.. هي مشهد عزَّ نظيره في الدنيا كلها.. في هذه المدينة الأصيلة والنبيلة.. نشأت.. ومن مناهلها غرفت.. وعلى أيدي معلمين أجلاء وأكْفاء تعلمت.. وأطيب الناس صادقت.. ومن عين عذرائها الأولى شربت.. ومن الفكر المدافع عن كرامة الإنسان ومستقبله.. تشرّبت.. وعندما انتقلت إلى عروس الكرمل.. صعبت عليّ مفارقة الأصدقاء والأحبة.. كان ذلك الانتقال من أصعب أيام حياتي.. وكم أحنّ إلى تلك الأيام التي كان فيها الخطاب القومي سيد الموقف وهو الخطاب الذي يعلو ولا يُعلى عليه.. فأهل الناصرة.. عائلة واحدة.. يجلسون حول صحن واحد.. ينامون على خير.. ويصبحون على خير.. في هذه "القرية الكبيرة" التي تطمح أن تكون مدينة.. فرحنا معًا.. وبكينا معًا.. وعيّدنا معًا.. وسحجنا معًا.. في أعياد الميلاد وأعياد رأس السنة.. إسألوا اليوم "شباب" تلك الفترة الذهبية التي احتضنت الناصرة.. إسألوا سوق الروم واسألوا الذاكرة عن طيب الذكر أسعد كردوش (أبو إسحق)! هل يتذكر شباب تلك الفترة الذين شاركوا في هذه السحجات الشعبية الاحتفالية؟.. كانوا في السحجة صفًّا واحدًا.. كتفًا تسند كتفًا.. وكانوا سدّا متينًا من الصدور.. وكان ابن البلد لابن البلد كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضًا. هل سأل ابنُ البلد صديقه ابنَ البلد الذي يسحج معه في صف السحجة ويفرح معه.. إلى أية طائفة ينتمي!؟ في هذه المدينة تعمّدنا بالمدّ القومي في فترة الحكم العسكري.. وفيها أحببنا عبد الناصر.. وأنشدنا الأناشيد القومية.. وطربنا للأغاني الوطنية.. فعشقنا "أضواء المدينة".. و"على الناصية" لآمال فهمي.. وعشقنا الأغاني الوطنية والعاطفية لأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم. كانت هاماتنا مرفوعة تكاد تلمس سقف السماء! هذه هي الناصرة التي عرفتها والتي ربّتنا على الخير والعطاء والمحبّة والتضحيات والإيثار والعزّة والكبرياء.. وجميع القيم الإنسانية الشاهقة. هذه هي الناصرة الحقيقية التي أحبُّ أن أتذكرها دائمًا.. وأحب لها أن تظل محفورة في القلب والوجدان والذاكرة.. هذه هي الناصرة التي نباهي بها شعوب الدنيا.. إنها زينة العواصم! ورغم البعد الزمني والجغرافي.. فقد بقيت هذه المدينة تنتمي إليّ فأنتمي إليها.. وبقيت وطنًا يسكنني.. وأحملها في قلبي أنّى ذهبت! ولم أتخلّ يومًا عن الرباط المقدس والعروة الوثقى التي ربطتني بمدينة البشارة! هذه هي ناصرتي الطيبة التي أعتزّ بالانتماء إليها. بناسها الطيبين تظل حجر الزاوية.. وتظل قلعة شامخة وحصنًا حصينًا تتكسر على أسواره سهام البرابرة! أما المدينة التي تغطي سماءها غيوم الجاهلية الحديثة.. فأنا لا أعرفها.. ولا أريد أن أعرفها.. إنها ليست مدينتي التي أحببتها! فإلى أهلي وأحبتي أهل الناصرة.. أتوجه إلى العقلاء منكم وأنتم الأغلبية الساحقة.. وأهيب بكم وأناشدكم بمحبّة وصدق وإخلاص.. أن لا تدعوا الأمور تفلت من بين أيديكم وتحرق اليابس والأخضر! أهيب بكم أن تحذروا وتحذرّوا الآخرين من تصرفات طائشة قد تلحق أفدح الأضرار بجميع سكان المدينة. أهيب بكم أن تحافظوا على الناصرة ونسيجها الاجتماعي.. أهيب بكم أن تفكّروا بمستقبل أبنائنا وأحفادنا.. أهيب بكم أن تفكّروا.. أيّ إرث سنتركه لهم.. وللأجيال الصاعدة.. إن أيّ توتير للأجواء لن يستفيد منه إلا الذين لا يريدون الخير لأهل الناصرة ولجميع أبناء شعبنا في وطن آبائنا وأجدادنا. أهيب بكم جميعًا أن تحكّموا العقل.. وتحافظوا على المدينة موحدة ومتآخية.. وإلا.. فأيّ مستقبل نريده لمدينتنا الحبيبة!؟ وإلى أين نحن ذاهبون!؟ علينا جميعًا تقع المسؤولية! إذا أخطأنا حساباتنا.. فكلنا خاسرون! والآخرون.. هم الرابحون! ونحن لا نريد أن يسجل التاريخ.. أننا كنّا من الخاسرين! وكل عام والناصرة وأهلنا وشعبنا وأصدقاؤنا وأحبتنا.. بألف خير 10/1/2014 |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |