![]() |
|
عودة الى أدب وفن
من ذاكرة الوطن: المجاهد الشاعر الشهيد نوح ابراهيم 1913- 1936 - عمر سعدي
زرته في مكتبه في مجد الكروم، السيد رشدي خلايلة، لأستقي منه معلومات عن عمه المجاهد الشهيد عز الدين خلايلة، ومن خلال حديثه عرفت ان عمه استشهد برفقة المجاهد الشاعر الشعبي نوح ابراهيم بالقرب من خربة الضميدة في منطقة تدعى الصنيبعة في ضواحي مدينة طمرة و قرية كوكب ابو الهيجا، فوجدتها فرصة سانحة لتكريم هذا المجاهد الشاعر، فسجلت الكثير مما استذكره عن المجاهد نوح ابراهيم الذي استقاه من عمه ثم رحت ابحث واتقصّى علّني اجد احدا من اقاربه يمدني ولو بالقليل من نضاله او بعضا من سيرة حياته. وعندما استعصى عليّ الامر لجأت الى بعض المصادر فأخذت منها النزر اليسير مما يثري النفس بما فيها من اعتزاز وافتخار مثير، فتناولت منها بعض النبذ لأقدمها للقارئ لتخليد وتكريم هذا المجاهد الشاعر الشعبي الفذ والباسل، الذي منحه الشيخ عز الدين القسام بعد ان استمع لأشعاره ولاقت عنده استحسانا لقب شاعر الثورة.
ولد نوح ابراهيم في مدينة حيفا سنة 1913 لعائلة ثورية فقيرة، استشهد والده وعمره اربع سنوات، ومن قسوة الحياة وضيق العيش اودعته والدته لدير للأيتام في القدس تتولّى رعايته واهتمت هي بشقيقته (بديعة) الأخرى، فقد تعلم هناك عدا التعليم مهنة الطباعة وتجليد الكتب، وكانت والدته تواظب على زيارته، وفي العاشرة من عمره عاد الى والدته لتحتضنه وترعاه تحت كنفها، وحرصت على تعليمه فأدخلته مدرسة الشيخ القسام ليتلقى تعليمه على ايدي مجموعة من العلماء والمجاهدين في المدرسة الاسلامية، وفي مقدمتهم الشيخ المجاهد عز الدين القسام، وبعد تخرجه راح يمارس حياته النضالية والعمالية اذ عمل في شركة الدخان في حيفا. واثناء عمله كان ينشر تعاليم القسام ويغني ويصدح بأشعاره الثورية، شاب عشق الثورة واحب فلسطين، ترك العمل في شركة الدخان ليعمل في الصحافة والأعلام فسافر الى يافا وعمل محررا في احدى الصحف، ثم عاد وتركها عندما لم يستطع نشر افكاره ومقالاته فيها ليعود الى حيفا ليكون قريبا من الشيخ القسام. اثناء مرافقته للشيخ وجد فيه قوة البراعة وصفاء الذهن وحذاقة فائقة، فناشده القسام الانضمام الى صفوف المقاومة فلبى النداء، وأولى له مهمة تنظيم الشباب وحثهم على الدخول الى صفوف المقاومة فأجاد المهمة وبرع بها، وعندما اكتشف الشيخ قوّة جاذبية اشعاره للجماهير وما تثيره فيهم من حماس ونخوة، اخذ يصحبه بجولاته ورحلاته في مدينة حيفا وضواحيها ليلقي قصائده الشعرية الشعبية الحماسية الملهبة والمثيرة، ومن قصائده العديدة، قصيدة نظمها بعد ان اقدم الانجليز على اعدام الثلاثة مجاهدين محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير على أثر ثورة البراق سنة 1930 في سجن عكا، مطلعها: من سجن عكا /طلعت جنازة / محمد جمجوم وفؤاد حجازي". وقصيدة اخرى بعد استشهاد استاذه وقائده الشيخ القسام مطلعها "عز الدين يا خسارتك/ رحت فدا لأمتك/ مين بنكر شهامتك/ يا شهيد فلسطين ضحيت بروحك/ وبمالك لأجل استقلال بلادك/ العدو لما جالك قاومتو بعزم متين". والقصيدة التي تعتبر اشهر قصائده قصيدة "يا مستر دل" الذي بسببها زجّ به في سجن المزرعة ثم في سجن عكا لمدة خمسة اشهر سنة 1937، ومطلعها "دبّرها يا مستر دل بلكي على ايدك بتحل. يا حضرة القائد دل لا تظن الأمة بتمل لكن انت سايرها بلكي على ايدك بتحل". كثيرة اشعاره وتدفقت منه غزيرة ليتلقفها الناس والمجاهدين فكانت تشحنهم بالعزائم وتغذيهم بالحماس فلاحقته السلطات البريطانية وحظرت نشر اشعاره واغانيه في الصحف، وكما ورد على ألسُن الرواة رفضت الحكومة البريطانية في فلسطين السماح له بطباعة اشعاره فضاع منها اكثرها وظل القليل ذلك الذي حفظه الناس في وجدانهم عن ظهر قلب. كان لنوح ابراهيم هجمات جهادية قتالية عديدة مع مجموعته ضد البريطانيين واشهرها معركة (جورة بحلص) ومعركة (وادي التفاح) في جبال الخليل فغنى لهم تحيا شباب الخليل اصحاب الباع الطويل كل الأمة بتعرف همتهم ما الها مثيل، ظل الشاب يتنقل مع مجموعته ثلة من الثوار في كل ربوع فلسطين يطلق النا ر على المستعمرين البريطانيين والصهيونيين ويصدح بالأشعار للناس والثوار. وقد كان البريطانيون يترصدونه باستمرار حتى نالوا منه وهو في طريقه للقيام في مهمة عسكرية في الشمال وبالقرب من خربة الضميدة ما بين طمرة وكوكب ابو الهيجا في موقع (الصنيبعة) عندما ترجلت ثُلّة الفرسان لتأخذ قسطا من الراحة بين الاشجار، اكتشفتهم احدى الطائرات البريطانية لم تمهلهم طويلا فأقدمت فرقة عسكرية من المراكز القريبة من المنطقة باغتتهم وهاجمتهم فارتقى شهيدا في 13- 10- 1938،هو ومن معه من الثوار عز الدين خلايلة من مجد الكروم ومحمد خضر قبلاوي وابو رعد من المجاهدين المتطوعين السوريين. وكما تناقل الناس اخبار المعركة كانت حامية وشديدة استبسل فيها المجاهدون وان كانت غير متكافئة في العدد والعتاد فقد قاوموا حتى نفاذ آخر طلقة، وصادف ان تواجد هناك بالقرب من المكان اثناء المعركة احد الرعاة شاهد بأم عينيه ما حدث و ما فعله الجنود بالثوار فقاموا بجمع جثثهم ورموها في بئر وجد في المكان، فسارع الراعي الى القرية فأخبر الناس وهرعت الجماهير ونقلت الاربع جثامين الى احدى مقابر طمرة وواروها الثرى ليحتضن تراب طمرة جثامين الاربع شهداء في طليعتهم نوح ابراهيم. وفي سنة 1986 اقيمت لجنة من الوطنيين والمثقفين والادباء والشعراء لجنة رعت اقامة نصب تذكاري في المقبرة التي دفنوا فيها في احتفال مهيب تخلله القاء الكلمات التأبينية من شخصيات وطنية مرموقة تخليدا لذكراهم. هذا غيض من فيض من سيرة مجاهد آثر الفداء على الحياة في سبيل الوطن فلسطين. عن الاتحاد 5/2/2020 include ('facebookshare.php'); ?> |
® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com |