عودة الى أدب وفن

إلى الأديبة غادة السمان: لسوريا ولفلسطين ولك الحياة والصحة - أسعد عبد الرحمن


لأنني أعرفك جيدا (من أيام عملي مع الحبيب غسان كنفاني في صحيفة «المحرر») فأنت بالتأكيد لست «شوفينية»، ونداؤك النبيل ومطلبك العادل في ـ وجوب حمل «جوائز فلسطين الثقافية» لأسماء مبدعات فلسطينيات، وتذكيرك لنا بإبداع سميرة عزام- يعد مطلبا «إبداعيا» خالصا وليس «نسويا»، وذاكرة الزمن الإنساني وأنا أول الفرحين به. وكنا قد عملنا، ونعمل دائبين عليه؛ من خلال تسليط الضوء على المكانة الفنية والأدبية للمبدعين الفلسطينيين والمبدعات الفلسطينيات، الذين تحمل الجوائز أسماءهم دوريا؛ وصولا للحفاظ والإبقاء على فلسطين حاضرة في الوجدان الإنساني، من خلال حث وتشجيع كل ما يساهم بنشر ثقافة الصمود والمقاومة والتحرير والعودة. فأنت إحدى أميرات الكتابة التي لطالما عُرف قلمها بالجرأة ومداواته لقضايا الإنسان كافة ومنها قضايا المرأة ونهضتها.

الصديقة الغالية سميرة عزام ليست منسية، فمنذ عرفتها عن قرب حفرت صورتها في ذهني: أديبة ومناضلة وكاتبة وقاصة وإعلامية مخلصة لقضيتها الوطنية العادلة وهمها الفلسطيني، ولكم رافقتنا في حنيننا وبؤسنا وغضبنا وثورتنا وأملنا، واستحقت الدخول إلى ذاكرة الوطن – تلك التي لا تعرف النسيان. وكيف أنساها وهي صديقة أثيرة لي، وكان لنا (مع آخرين على رأسهم غسان كنفاني وشفيق الحوت) جلسات عديدة في بيروت اعتبارا من عام 1962، وقد زاد من قوة علاقتنا أن منشأها الفلسطيني في عكا وحيفا هو منشئي نفسه. وبالتالي كان بيننا – عدا الهم العربي والفلسطيني – الكثير من الأمور المشتركة والخاصة، وهي جديرة بكل ما سطره قلمك. ودورها كبير في رفد نهر الأدب العربي بإشراقاتها وإبداعاتها، وتنبؤاتها اللافتة، التي منها بالطبع: استشرافها لمستقبلك الباهر وبدايتك القوية حقا، في إحدى رسائلها إلى الأديبة ألفة الإدلبي، حين كنت لا تزالين في بداية مشوارك الأدبي، حين كتبت لها قائلة: (قرأت قصة بعنوان «رجل في الزقاق» لفتت نظري حقاً.. لفتاة سورية تُدعى غادة السمان، يهمني أن تطلّعي عليها، فإذا كانت هذه هي بداية الفتاة، فثقي بأنها بداية قوية حقاً).

في «مؤسسة فلسطين الدولية»، ارتأت اللجنة الخاصة المسؤولة عن جائزة غسان كنفاني، وهي لجنة أعضاؤها جميعا من المشهود لهم في المشهد الثقافي العربي، أن يكون موضوع هذا العام القصة القصيرة، فيما كان موضوع جائزة غسان كنفاني العام الماضي في الرواية، لكن سنقدم إلى اللجنة المركزية المشرفة على جوائز فلسطين الثقافية في «المؤسسة» اقتراحا بالتناوب بين غسان كنفاني وسميرة عزام، سواء في القصة القصيرة أو غيرها من القضايا الملتزمة أسوة بما فعلناه في جائزة الشعر.

أما بالنسبة للصديقة الحبيبة الشاعرة فدوى طوقان، فقد حملت جائزة الشعر الدورة الماضية (2016-2017) اسم «جائزة الشعر ـ دورة فدوى طوقان»، إضافة إلى كون اسم جائزة الشعر في الدورات الثلاث الأولى والثانية والثالثة «جائزة فدوى طوقان للشعر»، واليوم باتت الجائزة دوارة بين فدوى طوقان وسميح القاسم ومعين بسيسو، وفي هذا العام محمود درويش، وذلك لكثرة المبدعين الشعراء الفلسطينيين بحمد الله.

كما تعاملنا مع جائزة الشعر، يمكن أن نتعامل مع الجوائز الأخرى كذلك. فالمبدعون الفلسطينيون كثر ويستحق كل منهم جائزة تحمل اسمه، بدون أي تمييز «نسوي» أو «جهوي» أو «فصائلي» ـ كما جاء في أحد التعليقات على مقالك في «القدس العربي» حول كون سميرة عزام ليست من «سدنة المعبد»، فإذا كان غسان كنفاني ينتمي للجبهة الشعبية، فإن فدوى طوقان ليست كذلك، وإنما كانت أقرب إلى «فتح»، وكان الشاعر معين بسيسو ينتمي للحزب الشيوعي ولم يكن الفنان جمال بدران ضمن هذه التقسيمات السياسية، وقس على ذلك مع ابني فلسطين والأمة العربية، بل والعالم بأسره: ناجي العلي، ووليد الخطيب.

ودمت يا ابنة الشام وفية للإبداع.

عضو مجلس الأمناء/ الرئيس التنفيذي لمؤسسة فلسطين الدولية
عن القدس العربي
26/10/2017






® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com