عودة الى أدب وفن

أمل مرقس تترجم شعراء فلسطين لأغنيات جديدة - وديع عواودة


الناصرة ـ «القدس العربي»: في احتفالية كبيرة أطلقت الفنانة الفلسطينية أمل مرقس ألبومها الجديد « «فتّح الورد»، وفيه عشر أغنيات تتنوع بينها الأنماط الموسيقيّة المختلفة، وهي بمعظمها قصائد لمحمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد وناظم حكمت أيضا وفيه تكرّس أغنية للاجئين السوريين.

ويضم الألبوم أغنيات ليست كثيفة التوزيع، ألحانها تعتمد على آلات موسيقية أقل، ويمتاز بالبساطة دون أن يقلل من جماليتها وتناغمها بالطبع. وتغني مرقس في البومها للحب، والمرأة، والفقْد والأمل، في عملٍ يدور في فلك مفهوم «البيت» ذلك لكون الإنسان في الشرق يعيش حالة حزن وألم ودمار خلال السنوات الأخيرة ما يجعله يبحث عن بيت يمثل له الدفء والأمان.

وتكرس في ألبومها الجديد اغنية لوالدها الراحل المناضل نمر مرقس بعنوان «يا مقعد الأبيض « وهي أغنية كتبتها الفنانة نداء أبو عقل – منصور ولحنها الفنان لؤي خليف. وعنها تقول «بينما آمل أن تحاكي إحساس كل من شعر بمرارة الفقد، فيها أغني مقعد والدي الأبيض الموجود في حديقة الدار بين الشجر حيث اعتاد أن يجلس عليه ليرتاح بعد أن يفرغ من ري الأشجار والزهر في حديقتنا، هناك اعتدنا أن نشرب قهوتنا معه عصر كل يوم حتى مغيب الشمس».

وتقول إن والدها المعلم الأول المناضل رحل قبل سنوات وبقي كرسيه الأبيض حاضرًا، شاهدا على دورة الحياة المتجددة، مشيرة إلى أن الأغنية مغلفة بلحن صوفي جميل يشكّل احتفاءً بالمواسم المتجدّدة ويمثل قوة الحياة.

زيّاد والقاسم ودرويش

وعن أغنية «فتّح الورد» التي حملت عنوان العمل، توضح سبب التسمية وتقول لأني في الحروب أزرع الورود وألتجأ للشعر كثيرا خلال ألازمات، قرأت قصيدة «قبل أن جاءوا» التي كتبها الراحل الكبير توفيق زياد وجاء في مطلعها: «فتح الورد على مرفق شباكي وبرعم»، وشعرت بعد مشاورات واسعة مع طاقم العمل وعدد من الأصدقاء الذين أثق برأيهم أنها الأنسب لتكون عنوان الالبوم الجديد». وهذه هي الأغنية الأولى التي انجز تلحينها الفنان نسيم دكور قبل عام تماما، خلال العدوان الأخير على غزه، وتحكي عن البيت الذي يتدفأ بحزمة شمس وتزهر الورود على شرفاته ويعرش سلما من ورق الدوالي حوله وعلى حلم الشاعر بالخبز لكل الناس. موضحة أنه يحضرها اليوم مشهد اللاجئين في مخيم اليرموك في سوريا ينتظرون الرغيف النادر في الحرب التي تذبل فيها الأحلام وتلطخها بالدم».

وأضافت: «يضم الألبوم أيضا قصيدة الراحل درويش «انتظرها» وهي من تلحين وتوزيع الفنان مهران مرعب وهي من قصائده الحميمة الجميلة جدا تصلح لتكون دعوة لرقصة جميلة بين شريكين. واوضحت بابتسامتها الساحرة أن الشراكة هنا لا تنحصر في الشق العاطفي فقط، إنما تجد أنه على الرجل انتظار شريكته في مختلف الأطر التي من الممكن أن تتحقق الشراكة السليمة فيها بين الرجل والمرأة. كما تتحقق بين اللحن والكلمة والآلات الموسيقية داخل القصيدة/الأغنية.

ويضم الألبوم تحية للراحل سميح القاسم أيضا بقصيدة «أعلنُها « التي لحنها وغناها منذ سنوات طويلة الملحن العراقي جعفر حسن، واختارت ان تقدمها بإعداد جديد «أكابيلا» (غناء منفرد دون مرافقة موسيقيّة)، كما تفعل «بمعظم حفلاتي والبوماتي للغناء المنفرد حصة فصوتي هو آلتي الموسيقية».

ويضم ألبوم «فتّح الورد» أغنية «صوت المرأة» التي كتبتها أمل بنفسها موظفة الشعار النسوي الذي تردد كثيرًا خلال العقد الأخير. وقام نسيم دكور باختيار طبقة «السوبران» التي تميز الصوت النسوي بشكل عام وإيقاع «الفالس» لتلحينها. وتتابع امل برسالة ساخرة لكل من يحرم غناء المرأة «هذا الايقاع غنت به اسمهان وفيروز وليلى مراد وام كلثوم أغاني عاطفية جميلة وله رقصات ثنائية في الأفلام الكلاسيكية بين المرأة والرجل «ولم اقرأ في سيرهن الذاتية انه قيل لهن إن أصواتهن عورة يحظر سماعه وطبعا كان لديهم تحديات أخرى في مسيرتهم». وتقول أمل مرقس الفلسطينية بنت الجليل الأعلى في هذه الأغنية:

« صوتها ضامم حب

صوتها راسم قلب

صوتها يعمل قرب

يمحي طعم الحسرة

صوتها ثورة ثورة

تهليلة حب وأمان اغان وحكايا زمان

صوتها دفأ وحنان

صلاة شوق وتحدي

وحدة حال تقوي

صوتها ثورة ثورة».

وعن «صوت المرأة» قالت أمل: «اخترت أن أترجم المرأة بكلماتي – وهي الشريكة في مختلف النضالات السياسية والاجتماعية بالإضافة لشراكتها في تفاصيل الحياة عامة ولا يحق لأي كان قمعها كونها امرأة وفقا لقناعاته ومرجعيّته الفكرية. في هذه الأغنية حاولت ترجمة ما يمثله صوت المرأة في حياتنا وما يمثله حضورها وشراكتها».

وتابعت مضيفة: «إن قيمي لا تتناقض أبدًا مع القيم الدينيّة بل ويسعدني أن حفلاتي تستقطب نساء متدينات وملتزمات أحترمهن جدًا، فأنا لا أقدم فنا إلحاديا إنما أؤمن بالإنسان بالدرجة الأولى، بحريته وحقوقه وألتزم بالإصلاح الاجتماعي في حياتي والعطاء لمجتمعي دون اللجوء لإرشاد رجال الدين».

ويضم «فتّح الورد» أيضا أغنيتين باللهجة المصرية هما: «مغنّواتي» التي لحنها وأشرف على توزيعها نسيم دكور وهي مرحه ايقاعية خفيفة الظل و»أنا في الخلا» لحنها ووزعها مهران مرعب بأسلوب مصري شعبي طربي، أما الكلمات فهي للراحل الكبير صلاح جاهين، وتهيمن اللهجة المحكية على الأغنيات الجديدة. في محاولة أمل الأولى لغناء كلمات جاهين تقول: «أقرأ لصلاح جاهين بنهم منذ سنوات وأجريت حوله برامج إذاعية عديدة بالإضافة لبحث حول شعره، وحدث أن التقيت حفيدته سلمى في أيار/ مايو الماضي فجمعنا حديث عنه حينها في عمان».

في تصريح لـ «القدس العربي» تعتبر أمل مرقس أنه رغم النجاحات الفنية الفلسطينية في الداخل لم يحدث انتشار كاف للاغنية الفلسطينية في العالم العربي ما عدا التركيز على التراث والكوفية. وتابعت: «نشتاق لأن نمنح منصات أوسع وأكثر انتشارا شأننا شأن باقي فناني العالم. وتضيف: «لا أنكر أنني أحلم في أن أغني في مختلف مسارح العالم العربي والتقي جمهوره الكريم وأفهم البحث الدائم لكثير من الفنانين عن مساحة أكثر اتساعا من المساحة المُتاحة في بلادنا لانتشار أعمالهم ولتواصلنا الثقافي الطبيعي، إلا أنني اعتقد ان هذا الأمر يجب البت فيه بطريقه أعمق وأشمل لأهميته وحساسيته السياسية.

وتلفت مرقس إلى أن فلسطينيي الداخل لم يقصّروا بحق العالم العربي يوما بل نهلوا من ينابيعه الفنية واحتفوا بها رغم كل الحدود والحروب والحواجز. وتضيف واثقة «ورغم سيطرة ثقافة الأكثرية اليهودية في البلاد وإعلامه، إلا أنّا لا نزال نغني ونكتب ونحكي بلغتنا الأم ولم ننقطع عن جذورنا منذ النكبة حتى اليوم، بل ونعتاد هنا على تنظيم أمسيات تكريمية لكبار الفنانين العرب لككنا لم نشهد انتشارًا كافيًا للاغنية الفلسطينية بالوطن العربي الكبير».

عن القدس العربي
9/12/2015







® All Rights Reserved, Wajih Mbada Seman, Haifa.
WebSite Managed by Mr. Hanna Seman - wms@wajihseman.com